للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلا أتيت الذي هو خير وكفّرت عن يميني" (١).

وكما في تحليفه لركانة، فإنه اقتصر على اسم الله.

وتارة كان يحلف فيقول: "لا، والذي نفسي بيده، لا، ومقلب القلوب" (٢)، وقال تعالى: ﴿فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ﴾ (٣).

ومن جملة ما استدلّ به البخاري على عدم وجوب التغليظ حديث: "شاهداك أو يمينه" (٤)، ووجه ذلك أن الذي أوجبه النبيّ هو مطلق اليمين.

وهي تصدق على من حلف في أيّ زمان وأيّ مكان، فمن بذل لخصمه أن يحلف له حيثُ هو ولم يجبه إلى مكان مخصوص ولا إلى زمان مخصوص، فقد بذل ما أوجبه عليه الشارع ولا يلزمه الزيادة على ذلك، لأن الذي تعبد به هو اليمين على أيّ صفة كانت ولم يتعبد بأشدّ الأيمان جرمًا وأعظمها ذنبًا على أنه قد ورد في اليمين التي يقتطع بها حقّ امرئ مسلم من الوعيد ما ليس عليه من مزيد، كما في الباب الذي قبل هذا أنها من الكبائر ومن موجبات النار.

وليس في الحلف على منبره وبعد العصر زيادة على هذا، فالحقّ عدم وجوب إجابة الحالف لمن أراد تحليفه في زمان مخصوص أو مكان مخصوص أو بألفاظ مخصوصة.

وقد روى ابن رسلان أنهم لم يختلفوا في جواز التغليظ على الذمي، فإن صحّ الإجماع فذاك عند من يقول بحجيته، وإن لم يصحّ فغاية ما يجوز التغليظ به هو ما ورد في حديث الباب وما يشابهه من التغليظ باللفظ، وأما التغليظ بزمان معين أو مكان معين على أهل الذمة مثل أن يطلب منه أن يحلف في الكنائس أو نحوها فلا دليل على ذلك.


(١) أخرجه البخاري رقم (٣١٣٣) ومسلم رقم (٧/ ١٦٤٩) من حديث أبي موسى الأشعري.
وأخرجه مسلم رقم (١١/ ١٦٥٠) من حديث أبي هريرة.
وانظر الحديث رقم (٣٨٣٦) من كتابنا هذا.
(٢) تقدم برقم (٣٨١٦) من كتابنا هذا.
(٣) سورة المائدة، الآية: (١٠٦).
(٤) أخرجه البخاري رقم (٢٣٥٧) ومسلم رقم (٢٢١/ ١٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>