للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحاصل: أنه لم يكن في أحاديث الباب ما يدلّ على مطلوب القائل بجواز التغليظ، لأن الأحاديث الواردة في تعظيم ذنب الحالف على منبره .

وكذلك الأحاديث الواردة في تعظيم ذنب الحالف بعد العصر لا تدلّ على أنها تجب إجابة الطالب للحلف في ذلك المكان أو ذلك الزمان.

وقد علمنا كيف اليمين فقال للرجل الذي حلفه: "احلف بالله الذي لا إله إلا هو" كما في حديث ابن عباس (١).

وقال في حديث ابن عمر (٢) المذكور في الباب: "ومن حلف له بالله فليرض، ومن لم يرض فليس من الله".

وهذا أمر منه بالرضا لمن حلف له بالله، ووعيد لمن لم يرض بأنه ليس من الله، ففيه أعظم دلالة على عدم وجوب الإجابة إلى التغليظ بما ذكر وعدم جواز طلب ذلك ممن لا يساعد عليه.

وقد كان الغالب من تحليفه لغيره وحلفه هو الاقتصار على اسم الله مجرّدًا عن الوصف كما في قوله: "والله لا أحلف على شيء فأرى غيره خيرًا منه


= قاضي صنعاء يحلف بالمصحف، ويؤثر أصحابه ذلك عن ابن عباس، ولم يصح". اهـ.
• إذا قال الحالف: أنا بريء من المصحف، اعتبره فريق من أهل العلم يمينًا موجبًا للكفارة في الحنث فيه. وروي عن الإمام أحمد أن ذلك لا يعتبر يمينًا، وحكي عنه رواية ثالثة بالتوقف [الإنصاف للمرداوي (١١/ ٣٣)].
• وفرّق بعض فقهاء الحنفية بين قول الحالف: أنا بريء من المصحف، وبين: أنا بريء مما في المصحف، فاعتبروا الثانية يمينًا دون الأولى.
[البناية في شرح الهداية (٦/ ١٧ - ١٨)].
• قال القاضي عبد الوهاب في "الإشراف على مسائل الخلاف" (٢/ ٢٣٠): "إذا حلف بالمصحف فحنث فعليه الكفارة خلافًا لأصحاب أبي حنيفة والشافعي، أما أصحاب أبي حنيفة فبنوه على أصلهم في القول بخلق القرآن من قال ذلك منهم. وأما أصحاب الشافعي فقالوا: إن المصحف هو الورق والحبر والجلد وكل ذلك مخلوق، فدليلنا أن المفهوم من إطلاق ذلك الحلف بالقرآن المكتوب في المصحف، والقرآن غير مخلوق فوجب أن يكون يمينًا". اهـ.
وانظر: "البيان والتحصيل" لابن رشد (٣/ ١٧٥).
(١) تقدم برقم (٣٩٣٩) من كتابنا هذا.
(٢) تقدم برقم (٣٩٣٨) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>