للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأخرج أبو داود (١) والترمذي (٢) من حديث ثعلبة رفعه: "تأتي أيام للعامل فيهنّ أجر خمسين"، قيل: منهم أو منا يا رسول الله؟ قال: "بل منكم".

وجمع الجمهور بأن الصحبة لها فضيلة ومزية لا يوازيها شيء من الأعمال، فلمن صحب النبيّ فضيلة الصحبة وإن قصر في الأعمال، وفضيلة من بعد الصحابة باعتبار كثرة الأعمال المستلزمة لكثرة الأجور.

فحاصل هذا الجمع أن التنصيص على فضيلة الصحابة باعتبار فضيلة الصحبة.

وأما باعتبار أعمال الخير فهم كغيرهم قد يوجد فيمن بعدهم من هو أكثر أعمالًا منهم أو من بعضهم، فيكون أجره باعتبار ذلك أكثر فكان أفضل من هذه الحيثية، وقد يوجد فيمن بعدهم ممن هو أقلّ عملًا منهم أو من بعضهم، فيكون مفضولًا من هذه الحيثية، إلا أنه يشكل على هذا الجمع ما ثبت في الأحاديث الصحيحة في الصحابة بلفظ: "لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبًا ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه" (٣)، فإن هذا التفضيل باعتبار خصوص أجور الأعمال لا باعتبار فضيلة الصحبة.

ويشكل عليه أيضًا حديث ثعلبة (٤) المذكور فإنه قال: "للعامل فيهنّ أجر خمسين رجلًا"، ثم بيّن أن الخمسين من الصحابة، وهذا صريح في أن التفضيل باعتبار الأعمال، فاقتضى الأول أفضلية الصحابة في الأعمال إلى حدّ يفضل نصف مدّهم مثل أُحد ذهبًا؛ واقتضى الثاني تفضيل من بعدهم إلى حدّ يكون أجر العامل أجر خمسين رجلًا من الصحابة.


(١) في سننه رقم (٤٣٤١).
(٢) في سننه رقم (٣٠٥٨) وقال: حديث حسن غريب.
قلت: وأخرجه ابن ماجه رقم (٤٠١٤). وهو حديث ضعيف.
(٣) أخرجه أحمد في المسند (٣/ ١١، ٥٤) والبخاري رقم (٣٦٧٣) ومسلم رقم (٢٢١/ ٢٥٤٠) و (٢٢٢/ ٢٥٤١) وأبو داود رقم (٤٦٥٨) والترمذي رقم (٣٨٦١) من حديث أبي سعيد الخدري. وهو حديث صحيح.
(٤) تقدم آنفًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>