للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (إن حيضتك)، الحيضة قيدها الخطابي (١) بكسر الحاء المهملة يعني الحالة والهيئة. وقال المحدّثون: يفتحون الحاء وهو خطأ. وصوَّب القاضي عياض (٢) الفتح وزعم أن كسر الحاء هو الخطأ لأن المراد الدم وهو الحيض بالفتح لا غير، وقد تقدّم كلام الحافظ والنووي في باب وجوب الغسل على الكافر (٣).

والحديث يدل على جواز دخول الحائض المسجد للحاجة ولكنه يتوقف على تعلق الجار والمجرور، أعني:

قوله: (من المسجد) بقوله: "ناوليني"، وقد قال بذلك طائفة من العلماء، واستدلوا به على جواز دخول الحائض المسجد للحاجة تعرض لها إذا لم يكن على جسدها نجاسة وأنها لا تمنع من المسجد إلا مخافة ما يكون منها، وعلقته طائفة أخرى بقولها: "قال لي رسول الله من المسجد: ناوِليني الخُمْرة" على التقديم والتأخير. وعليه المشهور من مذاهب العلماء أنها لا تدخل لا مقيمة ولا عابرة لقوله : "لا أحل المسجد لحائض ولا جنب" (٤)، وسيأتي الكلام عليه في هذا الباب.

قالوا: ولأن حدثها أغلظ من حدث الجنابة، والجنب لا يمكث فيه، وإنما اختلفوا في عبوره. والمشهور من مذاهب العلماء منعه، فالحائض أولى بالمنع، ويحتمل أن يكون المراد بالمسجد هنا مسجد بيته الذي كان يتنفل فيه فيسقط الاحتجاج به في هذا الباب.

وقد ذهب إلى جواز دخول الحائض المسجد وأنها لا تمنع إلا لمخافة ما يكون منها زيد بن ثابت، وحكاه الخطابي عن مالك (٥)


(١) في "إصلاح غلط المحدثين" (ص ٢١ رقم ٤).
(٢) في "مشارق الأنوار على صحاح الآثار" للقاضي عياض (١/ ٢١٧).
(٣) بل في الباب الخامس: باب الغسل من الحيض عند الحديث رقم (١٢/ ٢٩٧) من كتابنا هذا. وليس في الباب الرابع: باب وجوب الغسل على الكافر.
(٤) وهو حديث ضعيف. سيأتي تخريجه برقم (٢٠/ ٣٠٥) من كتابنا هذا.
(٥) قلت: بل المشهور من مذهب مالك أن الحائض لا يجوز لها المرور مطلقًا سواء أمنت التلويث أم لا. =

<<  <  ج: ص:  >  >>