للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في سنن أبي داود والبيهقي وغيرهما أن النبي أمرها بالغسل فليس فيها شيء ثابت. وقد بيَّن البيهقي ومن قبله ضعفها.

وإنما صح في هذا ما رواه البخاري (١) ومسلم (٢) في صحيحيهما: "أن أم حبيبة بنت جحش استحيضت، فقال لها رسول الله : فاغتسلي ثم صلي، فكانت تغتسل عند كل صلاة". قال الشافعي (٣) : "إنما أمرها رسول الله أَن تغتسل وتصلي، وليس فيه أنه أمرها أن تغتسل لكل صلاة، قال: ولا أشك إن شاء الله أن غسلها كان تطوعًا غير ما أُمرت به، وذلك واسع لها.

وكذا قال سفيان بن عيينة والليث بن سعد وغيرهما (٤).

وما ذهب إليه الجمهور من عدم وجوب الاغتسال إلا لإِدبار الحيضة هو الحق، لفقد الدليل الصحيح الذي تقوم به الحجة لا سيما في مثل هذا التكليف الشاق فإنه لا يكاد يقوم بما دونه في المشقة إلا خُلَّص العباد، فكيف بالنساء الناقصات الأديان بصريح الحديث، والتيسير وعدم التنفير من المطالب التي أكثر المختار الإِرشاد إليها، فالبراءة الأصلية المعتضدة بمثل ما ذكر لا ينبغي الجزم بالانتقال عنها بما ليس بحجة توجب الانتقال، وجميع الأحاديث التي فيها إيجاب الغسل لكل صلاة قد ذكر المصنف بعضها في هذا الباب، وأكثرها تأتي في أبواب الحيض وكل واحد منها لا يخلو عن مقال كما ستعرف ذلك، لا يقال إنها تنتهض للاستدلال بمجموعها، لأنا نقول: هذا مسلَّم لو لم يوجد ما يعارضها، وأما إذا كانت معارضة بما هو ثابت في الصحيح فلا. كحديث عائشة الآتي في أبواب الحيض (٥)، فإن فيه: "أن النبي أمر فاطمة بنت أبي حبيش بالاغتسال عند ذهاب الحيضة" فقط، وترك البيان في وقت الحاجة لا يجوز كما تقرر في الأصول.


(١) في "صحيحه" رقم (٣٢٠).
(٢) في "صحيحه" رقم (٣٣٤).
(٣) في "الأم" (١/ ٢٤٥ رقم المسألة ٨٢٥).
(٤) ذكر ذلك النووي في "المجموع" (٢/ ٥٥٤).
(٥) رقم الحديث (٢/ ٣٦٩) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>