(٢) إن هذا التضعيف لا حجة عليه. فإن المعروف عند الأئمة أن عطاء بن السائب ثقة في نفسه، لم يصرح أحد منهم بتضعيفه مطلقًا، وإنما وصفوه بأنه اختلط في آخر عمره، فمن عرف من الرواة عنه أنه سمع منه قبل الاختلاط فحديثه عنه صحيح، وإلا فلا. انظر: "تهذيب التهذيب" (٧/ ١٨٣ - ١٨٦ رقم ٣٨٦) و"الجرح والتعديل" (٣/ ١/ ٣٣٢ - ٣٣٤) و"الميزان" (٣/ ٧٠ - ٧٣). (٣) إن حماد بن سلمة إمام من أئمة المسلمين ثقة حجة ما في ذلك شك ولا ريب. ولا يخرجه من ذلك أن له أوهامًا، وإلا فمن الذي ليس له أوهام؟! ولذلك جرى علماء الحديث سلفًا وخلفًا على الاحتجاج بحديث حماد بن سلمة إلا إذا ثبت وهمه، وهيهات أن يثبت هنا على أنه قد روي له متابع … (٤) زاذان، أبو عمر الكندي، ويُكنى أبا عبد الله أيضًا. صدوق يُرسل، وفيه شيعية. "التقريب" (رقم ١٩٧٦). كما وثق زاذان الجمهور من الأئمة الفحول، الذين عليهم العمدة في باب الجرح والتعديل وحسبك منهم يحيى بن معين فقد قال فيه: "ثقة لا يسأل عن مثله". ووثقه أيضًا ابن سعد وابن عدي والعجلي والخطيب … قلت: والعلة التي ضعف من أجلها الحديث أن حماد بن سلمة قد سمع من عطاء قبل الاختلاط وبعد الاختلاط، فلم يتميز ما رواه قبل الاختلاط عما رواه بعد الاختلاط فضعف الحديث. • وأخرج المقدسي في "المختارة" (٢/ ٧٥ - ٧٦ رقم ٤٥٣) - بإسناد ظاهره الصحة - أخبرنا عبد الله بن ذُهيل بن علي بن كاره الحربيُّ - بها - أن أحمد بن الحسن بن أحمد بن البَنّاء أخبرهم، أنا الحسن بن علي الجوهري، أنا أبو الحسين محمد بن المظفر الحافظ، ثنا يحيى بن محمد بن صاعد، ثنا علي بن سَهْل بن المغيرة، وعيسى بن جعفر، قالا: ثنا عفان بن مسلم، ثنا حماد بن سلمة، وشعبة، قالا: أنا عطاء بن السائب، عن زاذان، أن عليًا قال: سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: "مَنْ ترك موضع شعرة من جسده لم يَمَسَّها الماء، فُعل به كذا وكذا من النار". قال علي: فمن ثَمَّ عاديتُ رأسي. رواه أبو داود - رقم (٢٤٩) - عن موسى بن إسماعيل. ورواه ابن ماجه - رقم (٥٩٩) - عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن الأسود - كلاهما - عن حماد بن سلمة، بنحوه. سئل الدارقطني - في "العلل" (٣/ ٢٠٧ - ٢٠٨ س ٣٦٥) - عنه، فذكر الاختلاف فيه. قال: والمحفوظ عن عفان عن حماد بن سلمة - قال سمعته يذكر عن عطاء بن السائب فصحفه الراوي فقال: شعبة - اهـ. قلت: أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده (١/ ١٠١) عن عفان بن مسلم - وهو شيخه فيه - فلم يذكر شعبة فيه. =