للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويؤيده ما أخرجه البزار (١) من حديث ابن عباس وفيه: "ولم يكن أحد من الأنبياء يصلي حتى يبلغ محرابه".

قوله: (وطهورًا) بفتح الطاء: أي مطهرة، وفيه دليل على أن التراب يرفع الحدث كالماء لاشتراكهما في الطهورية. قال الحافظ (٢): وفيه نظر وعلى أن التيمم جائز بجميع أجزاء الأزض لعموم لفظ الأرض لجميعها، وقد أكده بقوله: "كلها" كما في الرواية الثانية. واستدل القائل بتخصيص التراب بما عند مسلم (٣) من حديث حذيفة مرفوعًا بلفظ: "وجعلت تربتها لنا طهورًا"، وهذا خاص فينبغي أن يحمل عليه العام. وأجيب بأن تربة كل مكان ما فيه من تراب أو غيره فلا يتم الاستدلال. وردّ بأنه ورد في الحديث المذكور بلفظ التراب، أخرجه ابن خزيمة (٤) وغيره.

وفي حديث علي: "وجعل التراب لي طهورًا"، أخرجه أحمد (٥) والبيهقي (٦) بإسناد حسن. وأجيب أيضًا عن ذلك الاستدلال بان تعليق الحكم بالتربة مفهوم لقب، ومفهوم اللقب ضعيف عند أرباب الأصول ولم يقل به: إلا الدقاق فلا ينتهض لتخصيص المنطوق، ورد بان الحديث سبق لإِظهار التشريف، فلو كان جائزًا بغير التراب لما اقتصر عليه، وأنت خبير بأنه لم يقتصر على التراب إلا في هذه الرواية، نعم الافتراق في اللفظ حيث حصل التأكيد في جعلها مسجدًا دون الآخر كما سيأتي في حديث مسلم (٧) يدل على الافتراق في الحكم وأحسن من هذا أن قوله تعالى: في آية المائدة (٨) منه يدل على أن المراد: التراب، وذلك


(١) كما في "مجمع الزوائد" (٨/ ٢٥٨) وقال الهيثمي: "رواه البزار وفيه من لم أعرفهم".
(٢) في "الفتح" (١/ ٤٣٨). وفي هامش الفتح: ليس للنظر المذكور وجه، والصواب أن التيمم رافع للحدث كالماء، عملًا بظاهر الحديث المذكور وما جاء في معناه. وهو قول جم غفير من أهل العلم. والله أعلم" اهـ.
(٣) في "صحيحه" رقم (٤/ ٥٢٢).
(٤) في "صحيحه" (١/ ٢٣٣ رقم ٢٦٤).
(٥) في "المسند" (١/ ٩٨، ١٥٨).
(٦) في "السنن الكبرى" (١/ ٢١٣). بإسناد حسن. حسَّنه الحافظ في "الفتح (١/ ٤٣٨) والهيثمي في "المجمع" (١/ ٢٦٠ - ٢٦١).
(٧) في "صحيحه" (١/ ٣٧١ رقم ٤/ ٥٢٢).
(٨) سورة المائدة: الآية (٦): ﴿ … وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ =

<<  <  ج: ص:  >  >>