للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأن كلمة من للتبعيض كما قال في الكشاف (١): "إنه لا يفهم أحد من العرب من قول القائل: مسحت [برأسي] (٢) من الدهن والتراب إلا معنى التبعيض"، انتهى.

فمن قلت: سلَّمنا التبعيض، فما الدليل على أن ذلك البعض هو التراب؟ قلت: التنصيص عليه في الحديث المذكور.

ومن الأدلة الدالة على أن المراد خصوص التراب ما ورد في القرآن والسنة من ذكر الصعيد والأمر بالتيمم منه وهو التراب، لكنه قال في القاموس (٣): والصعيد: التراب أو وجه الأرض. وفي المصباح (٤) الصعيد: وجه الأرض ترابًا كان أو غيره.

قال الزجاج (٥)؛ لا أعلم اختلافًا بين أهل اللغة في ذلك. قال الأزهري (٦): ومذهب أكثر العلماء أن الصعيد في قوله تعالى: ﴿صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ (٧) هو التراب. وفي كتاب فقه اللغة للثعالبي (٨): الصعيد: تراب وجه الأرض ولم يذكر غيره. وفي المصباح (٣) أيضًا.

ويقال الصعيد في كلام العرب يطلق على وجوه: على التراب الذي على وجه الأرض، وعلى وجه الأرض، وعلى الطريق؛ ويؤيد حمل الصعيد على العموم تيممه من الحائط فلا يتم الاستدلال.

وقد ذهب إلى تخصيص التيمم بالتراب العترة والشافعي وأحمد وداود (٩)؛ وذهب مالك وأبو حنيفة وعطاء والأوزاعي والثوري إلى أنه يجزئ بالأرض وما عليها (١٠)، وسيعقد المصنف لذلك (١١) بابًا.


= الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ … ﴾.
(١) (١/ ٢٧٠).
(٢) في (ج): (برأسه).
(٣) "القاموس المحيط" ص ٣٧٤.
(٤) "المصباح المنير" ص ١٢٩ - ١٣٠.
(٥) في "معاني القرآن وإعرابه" (٢/ ٥٦).
(٦) في "تهذيب اللغة" (٢/ ٧).
(٧) سورة النساء: الآية ٤٣. والمائدة: (٦).
(٨) ص ٢٨٧.
(٩) انظر: المغني لابن قدامة (١/ ٣٢٤)، و"المجموع" (٢/ ٢٤٦).
(١٠) انظر: "المغني" لابن قدامة (١/ ٣٢٤ - ٣٢٥)، و"المجموع" (٢/ ٢٤٦).
(١١) الباب العاشر: باب بطلان التيمم بوجدان الماء في الصلاة وغيرها عند الحديث رقم (١٣/ ٣٦٦) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>