للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وغيره، ومستند الإجماع هذا الحديث الصحيح، ولكن الاستدلال بعدم الأمر على عدم وجوب القضاء قد ينازع فيه لاحتمال الاكتفاء بالدليل العام على وجوب القضاء، والأولى الاستدلال بما عند الإسماعيلي من وجه آخر بلفظ: "فلم نكن نقضي" ذكر معناه في الفتح، ولا تتمّ المنازعة في الاستدلال بعدم الأمر على عدم وجوب القضاء إلا بعد تسليم أن القضاء يجب بدليل الأداء، أو وجود دليل يدل على وجوب قضاء الصلاة دلالة تندرج تحتها الحائض، والكل ممنوع.

وقد ذهب الجمهور كما قاله النووي (١) إلى أنه لا يجب القضاء على الحائض إلا بدليل جديد. قال النووي في شرح مسلم (٢): قال العلماء: والفرق بينهما: يعني الصوم والصلاة أن الصلاة كثيرة متكررة فيشق قضاؤها، بخلاف الصوم فإنه يجب في السنة مرة واحدة، وربما كان الحيض يومًا أو يومين.

واعلم أنه لا حجة للخوارج (٣) إلا ما أسلفنا من أن عدم الأمر لا يستلزم عدم وجوب القضاء والاكتفاء بأدلة القضاء، فإن أرادوا بأدلة القضاء حديث: "مَنْ نامَ عن صلاتهِ أو نسيَها" (٤) فأين هو من محل النزاع، وإن أرادوا غيره فما هو؟ وأيضًا أدلة القضاء كافية في الصوم فلأي شيء أمرهن الشارع به دونها؛ والخوارج لا يستحقون المطاولة والمقاولة، لا سيما في مثل هذه المقالة الخارقة للإجماع الساقطة عند جميع المسلمين بلا نزاع، لكنه لما رفع من شأنها بعض


= عليه، وليس في كل شيء تجد الإسناد. وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (١/ ٣٣٢ رقم ١٢٨٠).
(١) انظر: "المجموع" (٢/ ٣٨٣ - ٣٨٤).
(٢) (٤/ ٢٦).
(٣) قال ابن عبد البر في "الاستذكار" (٣/ ٢٢١ رقم ٣٥٤٥ و ٣٥٤٦): "وروينا عن حذيفة أنه قال: ليكوننَّ قوم في آخر هذه الأمة يكذبون أولاهم ويلعنونهم، ويقولون: جَلدُوا في الخمر، وليس ذلك في كتاب اللَّهِ، ورجموا، وليس ذلكَ في كتاب الله، ومنعوا الحائض الصلاة، وليس ذلك في كتاب الله.
وهذا كلُّهُ قد قال به قوم من غالية الخوارج، على أنهم اختلفوا فيه أيضًا وكلهم أهل زيغ وضلال، أما أهل السنة والحق فلا يختلفون في شيء من ذلك والحمد لله" اهـ.
(٤) أخرج الدارقطني (١/ ٤٢٣ رقم ١) والبيهقي (٢/ ٢١٩). عن أبي هريرة، عن النبي قال: "من نسي صلاة فوقتها إذا ذكرها" بسند ضعيف لضعف حفص بن أبي العطاف.
• وأخرج البخاري عن النبي قال: "من نسي صلاة فليصلِّ إذا ذكرهَا، لا كفارةَ لها إلَّا ذلك: "وأقم الصلاة لذكري" [طه: ١٤].

<<  <  ج: ص:  >  >>