للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (أفلح إن صدق) وقع عند مسلم (١) من رواية إسماعيل بن جعفر: "أفلحَ وأبيهِ إنْ صدقَ"، أو "دخلَ الجنَّةَ وأبيهِ إنْ صدقَ"، ولأبي داود (٢) مثله.

فإن قيل: ما الجامع بين هذا وبين النهي عن الحلف بالآباء؟ أجيب عن ذلك بأنه كان قبل النهي، أو بأنها كلمة جارية على اللسان لا يقصد بها الحلف، أو فيه إضمار اسم الرب كأنه قال: ورب أبيه، أو أنه خاص ويحتاج إلى دليل. وحكى السهيلي عن بعض مشايخه أنّه قال: هو تصحيف، وإنما كان والله فقصرت اللّامان، واستنكره القرطبي، وغفل القرافي فادّعى أن الرواية بلفظ "وأبيه" لم تصح (٣)، وكأنه لم يرتض الجواب فعدل إلى ردّ الخبر وهو صحيح لا مرية فيه.

قال الحافظ (٤): وأقوى الأجوبة الأولان.

والحديث يدلّ على فرضية الصلاة وما ذكر معها على العباد.

قال المصنف (٥) : وفيه مستدل لمن لم يوجب صلاة الوتر ولا صلاة العيد، انتهى.

وقد أوجب قوم الوتر، وآخرون ركعتي الفجر، وآخرون صلاة الضحى، وآخرون صلاة العيد، وآخرون ركعتي المغرب، وآخرون صلاة التحية، ومنهم من لم يوجب شيئًا من ذلك وجعل هذا الحديث صارفًا لما ورد بعده من الأدلة المشعرة بالوجوب.

وفي الحديث أيضًا دليل على عدم وجوب صوم عاشوراء وهو إجماع (٦).


(١) في "صحيحه" برقم (٩/ ١١).
(٢) في "سننه" برقم (٣٩٢).
(٣) وقال ابن عبد البر في "التمهيد" (١٦/ ١٥٨): "وهذه لفظة - إن صحت - فهي منسوخة لنهي رسول الله عن الحلف بالآباء وبغير الله" اهـ.
(٤) في "فتح الباري" (١/ ١٠٨).
(٥) أي ابن تيمية الجد في "المنتقى" (١/ ١٨٧).
(٦) قال النووي في "المجموع" (٦/ ٢٤٩): "فرع": "لا يجب صوم غير رمضان بأصل الشرع بالإجماع، وقد يجب بنذر وكفارة وجزاء صيد ونحوه".
وقال ابن عبد البر في "التمهيد" (٢٢/ ١٤٨): "وأجمع العلماء على أن لا فرض في الصوم غير شهر رمضان … " اهـ. =

<<  <  ج: ص:  >  >>