للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأصول، وأشار ابن الباقلاني إلى أنها من المعوصات، لأن القوم لم يصرّحوا بالتكفير، وإنما قالوا أقوالًا تؤدي إلى ذلك (١).

وأنا أكشف لك نكتة الخلاف وسبب الإشكال، وذلك أن المعتزلي مثلًا إذا قال إن الله تعالى عالم ولكن لا علم له، وحيّ ولا حياة له، وقع الاشتباه في تكفيره، لأنا علمنا من دين الأمة ضرورة أن من قال إن الله ليس بحي ولا عالم كان كافرًا، وقامت الحجة على استحالة كون العالم لا علم له، فهل يقول إن المعتزلي إذا نفى العلم نفى أن يكون الله عالمًا، أو يقول قد اعترف بأن الله تعالى عالم فلا يكون نفيه للعلم نفيًا للعالم هذا موضع الإشكال، قال: هذا كلام الماوردي ومذهب الشافعي وجماهير أصحابه وجماهير العلماء أن الخوارج (٢) لا يكفرون.

قال الشافعي (٣): أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية، وهم طائفة من الرافضة يشهدون لموافقيهم في المذهب بمجرد قولهم، فرد شهادتهم لهذا لا لبدعتهم.


(١) انظر "إرشاد الفحول" للشوكاني (ص ٥٨٣ - ٥٨٥) بتحقيقي.
(٢) والصحيح هو القول بعدم تكفيرهم لما نقله شيخ الإسلام ابن تيمية من إجماع الصحابة على عدم تكفيرهم، وأنه لم يكن في الصحابة من كفّرهم لا علي ولا غيره، بل حكموا فيهم بحكم المسلمين الظالمين المعتدين.
انظر: "مجموع الفتاوى" (٣/ ٢٨٢) و (٥/ ٢٤٧) و (٧/ ٢١٧)، و"منهاج السنة النبوية" (٥/ ٢٤٨ - ٢٤٧).
(٣) أخرج البيهقي في "السنن الكبرى" (١٠/ ٢٠٨ - ٢٠٩) عن يونس بن عبد الأعلى قال: "سمعت الشافعي يقول: أجيز شهادة أهل الأهواء كلهم إلا الرافضة فإنه يشهد بعضهم لبعض".
وأخرج البيهقي في "السنن الكبرى" (١٠/ ٢٠٨) عن الربيع قال: قال الشافعي في كتاب أدب القاضي: "إلّا أن يكون منهم من يعرف باستحلال شهادة الزور على الرجل، لأنه يراه حلال الدم، وحلال المال فترد شهادته بالزور، أو يكون منهم من يستحل أو يرى الشهادة للرجل إذا وثق به، فيحلف له على حقّه ويشهد له بالبتّ به ولم يحضره ويسمعه فترد شهادته من قبل استحلاله الشهادة بالزور".
وهذا القول يروى أيضًا عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى، حكاه عنه الخطيب البغدادي في الكفاية (ص ١٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>