للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإن كان تركه لها تكاسلًا مع اعتقاده لوجوبها كما هو حال كثير من الناس، فقد اختلف الناس في ذلك.

فذهبت العترة والجماهير من السلف والخلف، منهم مالك (١) والشافعي (٢) إلى أنه لا يكفر بل يفسق، فإن تاب وإلا قتلناه حدًّا كالزاني المحصن، ولكنه يقتل بالسيف.

وذهب جماعة من السلف إلى أنه يكفر، وهو مرويّ عن علي بن أبي طالب ، وهو إحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل، وبه قال عبد الله بن المبارك وإسحاق بن راهويه، وهو وجه لبعض أصحاب الشافعي (٣).

وذهب أبو حنيفة (٤) وجماعة من أهل الكوفة والمزني صاحب الشافعي إلى أنه لا يكفر ولا يقتل بل يعزَّر ويحبس حتى يصلي.

احتجّ الأولون على عدم كُفْرِهِ بقول الله ﷿: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ (٥)، وبما سيأتي في الباب الذي بعد هذا (٦) من الأدلة، واحتجوا على قتله بقوله تعالى: ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ﴾ (٧)، وبقوله : "أُمرتُ أن أقاتلَ النَّاسَ حتى يقولوا لا إله إلا الله، ويقيمُوا الصَّلاةَ، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءَهم وأموالَهم إلا بحقِّها"، الحديث متفق عليه (٨).


(١) انظر: "الاستذكار" (٥/ ٣٤٥)، و"التمهيد" (٤/ ٢٢٧ - ٢٢٨).
(٢) انظر: "المهذب" (١/ ١٨٢ - ١٨٣)، و"المجموع" (٣/ ١٤ - ١٦).
(٣) انظر: "المجموع" (٣/ ١٨ - ٢٠).
(٤) انظر: "رد المحتار على الدُّرِّ المختار" المعروف بحاشية ابن عابدين (٧/ ٢).
(٥) سورة النساء، الآية (٤٨).
(٦) الباب الرابع: باب حجة من لم يكفر تارك الصلاة ولم يقطع عليه بخلود في النار، ورجا له ما يرجى لأهل الكبائر، عند الحديث رقم (١٣/ ٤٠٤ - ٢٣/ ٤١٤) من كتابنا هذا.
(٧) سورة التوبة، الآية (٥).
(٨) وهو حديث صحيح متواتر.
• أخرجه البخاري رقم (١٣٩٩) و (٦٩٢٤) و (٧٢٨٤) و (٧٢٨٥)، ومسلم رقم (٣٢/ ٢٠)، وأبو داود رقم (١٥٥٦)، والنسائي (٥/ ١٤ - ١٥) و (٦/ ٥)، والترمذي رقم (٢٦٠٧) وقال: حديث حسن صحيح. وأحمد (٢/ ٤٢٣، ٥٢٨)، وابن منده في =

<<  <  ج: ص:  >  >>