للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهو أوّله، وهو تعسّف يرده قوله [] (١): "فإن شدّة الحر من فيح جهنم"، وقوله: "فإذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة".

ويجاب عن ذلك بأن الأحاديث الواردة بتعجيل الظهر وأفضلية أوّل الوقت عامة أو مطلقة، وحديث الإبراد خاص أو مقيد، ولا تعارض بين عام وخاص ولا بين مطلق ومقيد.

وأجيب عن حديث خباب (٢) بأنه، كما قال الأثرم والطحاوي منسوخ، قال الطحاوي (٣): ويدلّ عليه حديث المغيرة (٤): "كنّا نصلي بالهاجرة فقال لنا: أبردوا"، فبيَّن أن الإبراد كان بعد التهجير.

وقال آخرون: إن حديث خباب محمول على أنهم طلبوا تأخيرًا زائدًا على قدر الإبراد؛ لأن الإبراد أن يؤخر بحيث يصير للحيطان فيء يمشون فيه ويتناقص الحرّ. وحمل بعضهم حديث الإبراد على ما إذا صار الظل فيئًا، وحديث خباب على ما إذا كان الحصى لم يبرد، لأنه لا يبرد حتى تصفرّ الشمس، فلذلك رخّص في الإبراد ولم يرخص في التأخير إلى خروج الوقت، وعلى فرض عدم إمكان الجمع فرواية الخلال السابقه (٥) عن المغيرة بلفظ: "كان آخر الأمرين من رسول الله الإبراد".

وقد صحح أبو حاتم وأحمد حديث المغيرة (٦)، وعدّه البخاري محفوظًا من أعظم الأدلّة الدالّة على النسخ كما قاله من قدمنا، ولو سلم جهل التاريخ وعدم معرفة المتأخر لكانت أحاديث الإبراد أرجح لأنها في الصحيحين (٧)، بل في جميع الأمهات بطرق متعدّدة.

وحديث خباب في مسلم (٨) فقط، ولا شك أن المتفق عليه مقدم، وكذا ما جاء من طرق.


(١) زيادة من (ب).
(٢) وهو حديث صحيح تقدم تخريجه خلال شرح الحديث رقم (٦/ ٤٢٣) من كتابنا هذا.
(٣) كما في "البناية شرح الهداية" (٢/ ٤٦).
(٤) وهو حديث صحيح تقدم تخريجه خلال شرح الحديث رقم (٦/ ٤٢٣) من كتابنا هذا.
(٥) تقدم آنفًا.
(٦) ذكره العيني في "البناية شرح الهداية" (٢/ ٤٥).
(٧) كحديث أبي هريرة عند البخاري رقم (٥٣٣، ٥٣٤) و (٥٣٦)، ومسلم رقم (٦١٥).
(٨) رقم (٦١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>