للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واحتجّوا بحديث: "أسفروا بالفجر"، وسيأتي نحوه (١).

وقد أجاب القائلون بالتغليس عن أحاديث الإسفار بأجوبة:

منها: أن الإسفار التبين والتحقّق، فليس المراد إلّا تبين الفجر وتحقّق طلوعه، وردّ بما أخرجه ابن أبي شيبة (٢) وإسحق وغيرهما بلفظ: "ثوّب بصلاة الصبح يا بلال حين يبصر القوم مواقع نبلهم من الإسفار".

ومنها: أن الأمر بالإسفار في الليالي المقمرة، فإنه لا يتحقّق فيها الفجر إلَّا بالاستظهار في الإسفار.

وذكر الخطابي (٣) أنه يحتمل أنهم لما أمروا بالتعجيل صلّوا بين الفجر الأول والثاني طلبًا للثواب، فقيل لهم: صلّوا بعد الفجر الثاني، وأصبحوا بها، فإنه أعظم لأجركم، فإن قيل: لو صلّوا قبل الفجر لم يكن فيها أجر، فالجواب أنهم يؤجرون على نيّتهم وإن لم تصح صلاتهم لقوله: "إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر" (٤).

وقال أبو جعفر الطحاوي (٥): إنما يتفق معاني آثار هذا الباب بأن يكون دخوله في صلاة الصبح مغلسًا ثم يطيل القراءة حتى ينصرف عنها مسفرًا، وهذا خلاف قول عائشة لأنها حكت أن انصراف النساء كان وهن لا يعرفن من الغلس، ولو قرأ رسول الله بالسور الطوال ما انصرف إلّا وهم قد أسفروا ودخلوا في الإسفار جدًّا، ألا ترى إلى أبي بكر حين قرأ البقرة في


= وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (١/ ٥٦٨ رقم ٢١٦٠) عن الثوري وابن أبي شيبة في "المصنف" (١/ ٣٢١) عن وكيع عن سفيان.
(١) رقم (٥٣/ ٤٧٠) من كتابنا هذا.
(٢) انظر "المصنف" (١/ ٣٢١ - ٣٢٢).
(٣) في "معالم السنن" (١/ ٢٩٥ - هامش السنن).
(٤) أخرجه أحمد (٤/ ١٩٨، ٢٠٤ - ٢٠٥)، والبخاري رقم (٧٣٥٢)، ومسلم رقم (١٧١٦)، وأبو داود رقم (٣٥٧٤)، وابن ماجه رقم (٢٣١٤)، والبغوي في "شرح السنة" رقم (٢٥٠٩)، وابن عبد البرّ في "جامع بيان العلم" (٢/ ٧١) من حديث أبي هريرة.
(٥) في "شرح معاني الآثار" (١/ ١٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>