للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لاسيما على قول من قال: إن وجوب القضاء بدليل هو الخطاب الأوّل الدالّ على وجوب الأداء، فليس عنده في وجوب القضاء على العامد فيما نحن بصدده تردّد لأنه يقول: المتعمّد للترك قد خوطب بالصلاة ووجب عليه تأديتها فصارت دينًا عليه، والدين لا يسقط إلّا بأدائه، إذا عرفت هذا علمت أن المقام من المضايق وأن قول النووي في شرح مسلم (١) بعد حكاية قول من قال: لا يجب القضاء على العامد أنه خطأ من قائله وجهالة من الإفراط المذموم. وكذلك قول المقبلي في المنار (٢): إن باب القضاء ركب على غير أساس ليس فيه كتاب ولا سنّة، إلى آخر كلامه من التفريط.

قوله: (لا كفارة لها إلّا ذلك) استدلّ بالحصر الواقع في هذه العبارة على الاكتفاء بفعل الصلاة عندى ذكرها وعدم وجوب إعادتها عند حضور وقتها من اليوم الثاني، وسيأتي الكلام على ذلك عند الكلام على حديث عمران بن حصين في آخر هذا الباب (٣). والأمر بفعلها عند الذكر يدلّ على وجوب المبادرة بها فيكون حجّة لمذهب من قال بوجوبه على الفور، وهو الهادي والمؤيّد بالله والناصر وأبو حنيفة وأبو يوسف والمزني والكرخي (٤).

وقال القاسم ومالك والشافعي: وروي عن المؤيّد بالله أنه على التراخي (٥) واستدلّوا في قضاء الصلاة بما في بعض روايات حديث نوم الوادي من "أنه لما استيقظ النبيّ بعد فوات الصلاة بالنوم أخّر قضاءها واقتادوا رواحلهم حتى خرجوا من الوادي" (٦)، وردّ بأن التأخير لمانع آخر وهو ما دلّ عليه الحديث بأن ذلك الوادي كان به شيطان، ولأهل القول الأول حجج غير مختصّة بقضاء الصلاة، وكذلك أهل القول الآخر.

واعلم أن الصلاة المتروكة في وقتها لعذر النوم والنسيان لا يكون فعلها بعد


(١) (٥/ ١٨٣).
(٢) (١/ ١٣٧).
(٣) رقم (٦٧/ ٤٨٤) من كتابنا هذا.
(٤) "البحر الزخار" (١/ ١٧٢).
(٥) "البحر الزخار" (١/ ١٧٢).
(٦) أخرجه مسلم رقم (٦٨٠)، وأبو داود رقم (٤٣٥، ٤٣٦)، وابن ماجه رقم (٦٩٧) من حديث أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>