للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من نحو قوله : "كل بدعة ضلالة" (١) طالبًا لدليل تخصيص تلك البدعة التي وقع النزاع في شأنها بعد الاتفاق على أنها بدعة، فإن جاءك به قبلته، وإن كاع (٢) كنت قد ألقمته حجرًا واسترحت من المجادلة ومن مواطن الاستدلال لهذا الحديث كل فعل أو ترك وقع الاتفاق بينك وبين خصمك على أنه ليس من أمر رسول الله وخالفك في اقتضائه البطلان أو الفساد متمسكًا بما تقرر في الأصول من أنه لا يقتضي ذلك إلَّا عدم أمر يؤثر عدمه في العدم، كالشرط أو وجود أمر يؤثر وجوده في العدم كالمانع، فعليك بمنع هذا التخصيص الذي لا دليل عليه إلا مجرد الاصطلاح مسندًا لهذا المنع بما في حديث الباب من العموم المحيط بكل فرد من أفراد الأمور التي ليست من ذلك القبيل قائلًا: هذا أمر ليس من أمره، وكل أمر ليس من أمره رد فهذا رد وكل [رد] (٣) باطل، فهذا باطل، فالصلاة مثلًا التي ترك فيها ما كان يفعله رسول الله ، أو فعل فيها ما كان يتركه ليست من أمره، فتكون باطلة بنفس هذا الدليل، سواء كان ذلك الأمر المفعول أو المتروك مانعًا باصطلاح أهل الأصول، أو شرطًا أو غيرهما، فليكن منك هذا على ذكر.

قال في الفتح (٤): وهذا الحديث معدود من أُصول الإسلام، وقاعدة من قواعده، فإن معناه: من اخترع من الدين ما لا يشهد له أصل من أصوله فلا يلتفت إليه قال النووي (٥): هذا الحديث مما ينبغي تحفظه واستعماله في إبطال المنكرات وإشاعة الاستدلال به كذلك.

وقال الطُّوْفيّ (٦): هذا الحديث يصلح أن يسمى نصف أدلة الشرع، لأن الدليل يتركب من مقدمتين، والمطلوب بالدليل إما إثبات الحكم أو نفيه. وهذا الحديث مقدمة كبرى في إثبات كل حكم شرعي، ونفيه لأن منطوقه مقدمة كلية، مثل أن يقال في الوضوء بماء نجس: هذا ليس من أمر الشرع، وكل ما كان


(١) وهو حديث صحيح. من حديث العرباض بن سارية، وقد تقدم تخريجه في التعليقة السابقة، ولله الحمد والمنة.
(٢) كاع: جَبُن وخاف.
(٣) زيادة من (أ) و (ب).
(٤) (٥/ ٣٠٢ - ٣٠٣).
(٥) في شرحه لصحيح مسلم (١٢/ ١٦).
(٦) في المطبوع (الطوخي) وفي "الفتح" (٥/ ٣٠٣) (الطرقي) والمثبت من المخطوطات (أ) و (ب) و (جـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>