للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحديث استدلّ به من قال بتحريم الصلاة في الحرير وهو الهادي في أحد قوليه والناصر والمنصور بالله (١) والشافعي (٢). وقال الهادي في أحد قوليه وأبو العباس والمؤيد بالله والإمام يحيى وأكثر الفقهاء (٣): إنها مكروهة فقط، مستدلين بأن علة التحريم الخيلاء ولا خيلاء في الصلاة، وهذا تخصيص للنص بحيال علة الخيلاء، وهو مما لا ينبغي الالتفات إليه.

وقد استدلوا لجواز الصلاة في ثياب الحرير بعدم إعادته لتلك الصلاة وهو مردود لأن ترك إعادتها لكونها وقعت قبل التحريم، ويدل على ذلك حديث جابر عند مسلم (٤) بلفظ: "صلى في قبا ديباج ثم نزعه وقال: نهاني جبريل" وسيأتي (٥)، وهذا ظاهر في أن صلاته فيه كانت قبل تحريمه. قال المصنف (٦) [] (٧): وهذا يعني حديث الباب محمول على أنه لبسه قبل تحريمه إذ لا يجوز أن يظن به أنه لبسه بعد التحريم في صلاة ولا غيرها. ويدل على إباحته في أول الأمر ما روى أنس بن مالك أن أكيدر دومة أهدى إلى النبي جبة سندس أو ديباج قبل أن ينهى عن الحرير فلبسها فتعجب الناس منها فقال: "والذي نفسي بيده لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن منها" رواه أحمد (٨) انتهى.

قال في البحر (٩): فإن لم يوجد غيره صحت فيه وفاقًا بينهم فإن صلى عاريًا


(١) "البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار" (١/ ٢١٣).
(٢) المجموع شرح المهذب (٣/ ١٨٤ - ١٨٥).
(٣) البحر الزخار (١/ ٢١٣).
(٤) في صحيحه رقم (٢٠٧٠) من حديث جابر بن عبد الله.
(٥) برقم (٣٠/ ٥٤٣) من كتابنا هذا.
(٦) أي ابن تيمية الجد في المنتقى" (١/ ٢٨٢).
(٧) زيادة من المخطوط (ب).
(٨) في المسند (٣/ ٢٠٦ - ٢٠٧).
قلت: وأخرجه البخاري رقم (٢٦١٥) ومسلم رقم (١٢٧/ ٢٤٦٩). عن أنس بن مالك أنَّه أُهديَ لرسول الله جُبَّةٌ؛ من سُنْدسٍ وكان ينهى عن الحرير. فعجب الناس منها. فقال: "والذي نفسُ محمدٍ بيدِهِ إنّ مناديلَ سعدِ بن معاذ في الجنة أحسن من هذا" وهو حديث صحيح.
(٩) (١/ ٢١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>