للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحديث قد استدل به على جواز لبس الخز، وأنت خبير بأن غاية ما في الحديث أنه أخبر بأن رسول الله كساه عمامة الخز وذلك لا يستلزم جواز اللبس.

وقد ثبت من حديث عليّ عند البخاري (١) ومسلم (٢) وأبي داود (٣) والنسائي (٤) أنه قال: "كساني رسول الله حلة سيراء فخرجت بها فرأيت الغضب في وجهه فأطَّرتها (٥) خمرًا بين نسائي" هذا لفظ الحديث في التيسير (٦) فلم يلزم من قول علي [] (٧) "كَساني" جواز اللبس وهكذا قال عمر: "لما بعث إليه النبي حلة سيراء يا رسول الله كسوتنيها وقد قلت في حلة عطارد ما قلت، فقال رسول الله : إني لم أكسكها لتلبسها" هذا لفظ أبي داود (٨) وبهذا يتبين لك أنه لا يلزم من قوله كساني جواز اللبس على أنه قد ثبت في تحريم الخز ما هو أصح من هذا الحديث وهو حديث أبي عامر الآتي (٩) وكذلك حديث معاوية (١٠).

وقد استدل بهذا الحديث أيضًا على جواز لبس المشوب، وهو لا يدل على ذلك إلا على أحد التفاسير للخز، وقد تقدم ذكر بعضها، وقد اختلف الناس في المشوب، وسيأتي بيان ما هو الحق.

قوله: (وقد صح لبسه عن غير واحد من الصحابة) لا يخفاك أنه لا حجة في فعل بعض الصحابة وإن كانوا، عددًا كثيرًا، والحجة إنما هي في إجماعهم عند القائلين بحجية الإجماع (١١) ولو كان لبسهم الخز يدل على أنه حلال لكان الحرير


(١) في صحيحه رقم (٥٨٤٠).
(٢) في صحيحه رقم (٢٠٧١).
(٣) في سننه رقم (٤٠٤٣).
(٤) في سننه رقم (٨/ ١٩٧). وهو حديث صحيح.
(٥) أطرتها: شققتها وقسمتها خُمْرًا) جمع خمرة، وهي مقدار ما يضع الرجل عليه وجه في سجوده.
(٦) وهو "تيسير الوصول إلى جامع الأصول" لابن الديبع (٤/ ١٦٧) رقم (٦).
(٧) زيادة من (أ).
(٨) في سننه رقم (٤٠٤٠).
قلت: وأخرجه البخاري رقم (٨٨٦) ومسلم رقم (٢٠٦٨) والنسائي رقم (٥٢٩٥).
(٩) برقم (١٦/ ٥٥٩) من كتابنا هذا.
(١٠) برقم (١٥/ ٥٥٨) من كتابنا هذا.
(١١) انظر: "المقصد الثالث": الإجماع في "إرشاد الفحول" (ص ٢٦٦ - ٣٢٨) بتحقيقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>