للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بأن حلة السيراء هي الحرير الخالص كما قال البعض ممنوع. والسند ما أسلفناه عن أئمة اللغة بل أخرج ابن أبي شيبة (١) وابن ماجه (٢) والدورقي (٣) والبيهقي (٤) حديث علي السابق في السيراء بلفظ قال علي: "أهدي إلى رسول الله حلة مسيرة إما سداها حرير وإما لحمتها فأرسل بها إليّ فأتيته فقلت: ما أصنع بها؟ ألبسها؟ قال: لا، إني لا أرضى لك ما أكره لنفسي، شققها خمرًا لفلانه وفلانة، فشققتها أربعة أخمرة" وسيأتي الحديث (٥)، وهذا صريح بأن تلك السيراء مخلوطة لا حرير خالص.

ومن ذلك حديث أبي ريحانة (٦) عند أبي داود (٧) والنسائي (٨) وابن ماجه (٩) وفيه النهي عن عشر: منها أن يجعل الرجل في أسفل ثيابه حريرًا مثل الأعاجم [وأنْ يَجعلَ على مِنْكَبِهِ] (١٠) حريرًا مثلَ الأعاجِمِ، وقد عرفْتَ مما سلَفَ الأحاديثَ الواردةَ في تحريمِ الحريرِ بدونِ تقييد فالظاهِرُ منها تحريمُ ماهيةِ الحريرِ سواءٌ وجِدتْ منفِردَةً أو مختلِطَةً بغيرِها، ولا يخرجُ عن التحريم إلا ما استثناهُ الشارعُ من مقدارِ الأربعِ الأصابع من الحريرِ الخالصِ وسواءٌ، وُجِدَ ذلك المقدارُ مجتمِعًا كما في القطعةِ الخالصةِ أَم مفرَّقًا كما في الثوبِ المشوبِ.

وحديثُ ابن عباسٍ لا يصلُح لتخصيص تلكَ العموماتِ ولا لتقيدِ تلكَ الإطلاقاتِ لما عَرَفْتَ. ولا مُتمسَّك للجمهورِ القائلينَ بحِلّ المشوبِ إذا كانَ الحريرُ


(١) في "المصنف" (١٢/ ٦٦ رقم ١٢١٣٦).
(٢) في السنن رقم (٣٥٩٦).
(٣) الدورقي: هو يعقوب بن إبراهيم بن كثير بن أفلح العبدي، مولاهم. أبو يوسف ثقة، وكان محدث العراق في عصره له مسند في الحديث. (١٦٦ - ٢٥٢ هـ).
"التقريب" رقم (٧٨١٢) و"تهذيب التهذيب" (٤/ ٤٣٩).
(٤) في السنن الكبرى (٢/ ٤٢٥). وهو حديث صحيح.
(٥) رقم (١٤/ ٥٥٧) من كتابنا هذا.
(٦) أبو ريحانة، هو شمعون بن يزيد الأزدي، حليف الأنصار، ويقال: مولى رسول الله ، وصحابي. "التقريب" (١/ ٣٥٤ - ٣٥٥).
(٧) في السنن (رقم: ٤٠٤٩).
(٨) في السنن (٨/ ١٤٣ رقم ٥٠٩١).
(٩) في السنن رقم (٣٦٥٥) مختصرًا.
وهو حديث ضعيف والله أعلم.
(١٠) كذا في المخطوط (أ، ب، جـ) وفي سنن أبي داود رقم (٤٠٤٩): [أو يجعل على منكبيه] وهو الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>