للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

احتج الجمهور بحجج (منها). قول الله تعالى: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤)(١) قال في البحر (٢): والمراد للصلاة للإجماع على أن لا وجوب في غيرها ولا يخفاك أن غاية ما يستفاد من الآية الوجوب عند من جعل الأمر حقيقة فيه، والوجوب لا يستلزم الشرطية لأن كون الشيء شرطًا حكم شرعي وضعي لا يثبت إلا بتصريح الشارع بأنه شرط، أو بتعليق الفعل به بأداة الشرط، أو بنفي الفعل بدونه نفيًا متوجهًا إلى الصحة لا إلى الكمال أو بنفي الثمرة ولا يثبت بمجرد الأمر به.

وقد أجاب صاحب ضوء النهار (٣) عن الاستدلال بالآية بأنها مطلقة، وقد حملها القائلون بالشرطية على الندب في الجملة فأين دليل الوجوب في المقيد وهو الصلاة؟. وفيه أنهم لم يحملوها على الندب بل صرحوا بأنها مقتضية للوجوب في الجملة، لكنه قام الإجماع على عدم الوجوب في غير الصلاة فكان صارفًا عن اقتضاء الوجوب فيما عدا المقيد.

(ومنها) حديث خلع النعل الذي سيأتي (٤)، وغاية ما فيه الأمر بمسح النعل، وقد عرفت أنه لا يفيد الشرطية على أنه بني على ما كان قد صلى قبل الخلع، ولو كانت طهارة الثياب ونحوها شرطًا لوجب عليه الاستئناف، لأن الشرط يؤثر عدمه في عدم المشروط كما تقرر في الأصول فهو عليهم لا لهم.

(ومنها) الحديثان المذكوران في الباب. ويجاب عنهما بأن الثاني فعل وهو لا يدل على الوجوب فضلًا عن الشرطية، والأول ليس فيه ما يدل على الوجوب. سلمنا أن قوله فتغسله خبر في معنى الأمر فهو غير صالح للاستدلال به على المطلوب.


= قال أبو حنيفة، وأحمد، وجمهور العلماء من السلف والخلف.
وعن مالك في إزالة النجاسة ثلاث روايات: (أصحها وأشهرها): أنه إن صلى عالمًا بها لم تصح صلاته. وإن كان جاهلًا أو ناسيًا صحت، وهو قول قديم عن الشافعي.
(والثانية): لا تصح الصلاة علم أو جهل أو نسي.
(والثالثة): تصح الصلاة مع النجاسة، وإن كان عالمًا متعمدًا، وإزالتها سنة. ونقل أصحابنا عن ابن عباس وسعيد بن جبير نحوه، واتفق الشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب وعامة العلماء على أن إزالتها شرط إلا مالكًا" اهـ.
وانظر: "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" لابن رشد (١/ ٢٨٨) بتحقيقي.
(١) سورة المدثر: الآية ٤.
(٢) البحر الزخار (١/ ٢١١).
(٣) (١/ ٣٧٤).
(٤) برقم (٣/ ٥٩٦) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>