للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اقتضاء فعل الفاعل. لأنا نقول: فلان حمل كذا ولو كان غيره حمله، بخلاف وضع. فعلى هذا فالفعل الصادر منه هو الوضع لا الرفع، فيقل العمل انتهى.

لأن قوله: "حتى إذا فرغ من سجوده وقام أخذها فردها في مكانها" صريح في أن الرفع صادر منه ، وقد رجع ابن دقيق العيد إلى هذا فقال: وقد كنت أحسب هذا: يعني الفرق بين حمل ووضع، وأن الصادر منه الوضع لا الرفع حسنًا إلى أن رأيت في بعض طرقه الصحيحة "فإذا قام أعادها" انتهى. وهذه الرواية في صحيح مسلم (١). ولأحمد (٢) "فإذا قام حملها فوضعها على رقبته".

والحديث يدل على أن مثل هذا الفعل معفوّ عنه من غير فرق بين الفريضة والنافلة والمنفرد والمؤتم والإمام، لما في صحيح مسلم (٣) من زيادة "وهو يؤم الناس في المسجد" وإذا جاز ذلك في حال الإمامة في صلاة الفريضة جاز في غيرها بالأولى.

قال القرطبي (٤): "وقد اختلف العلماء في تأويل هذا الحديث، والذي أحوجهم إلى ذلك أنه عمل كثير، فروى ابن القاسم (٥) عن مالك؛ أنه كان في النافلة، واستبعده المازري وعياض وابن القاسم. قال المازري (٦): إمامته بالناس في النافلة ليست بمعهودة، وأصرح من هذا ما أخرجه أبو داود (٧) بلفظ: "بينما نحن ننتظر رسول الله في الظهر أو العصر وقد دعاه بلال إلى الصلاة إذ خرج علينا وأمامة على عاتقه فقام في مصلاه فقمنا خلفه، فكبر فكبرنا وهي في مكانها" وروى أشهب (٨)، وعبد الله بن نافع، عن مالك أن ذلك للضرورة حيث لم يجد


(١) في صحيحه رقم (٤٢/ ٥٤٣).
(٢) في المسند (٤/ ٣٠٥).
(٣) في صحيحه رقم (٤٣/ ٥٤٣).
(٤) في "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" له (٢/ ١٥٢).
(٥) ابن القاسم: هو عبد الرحمن بن القاسم بن خالد العُتقي المصري، أبو عبد الله، ويعرف بابن القاسم، تفقه بالإمام مالك ونظرائه، مولده ووفاته بمصر. وهو صاحب "المدونة" رواها عن الإمام مالك. ولد عام ١٣٢ هـ - وتوفي عام ١٩١ هـ.
(٦) في "المعلم بفوائد مسلم" له (١/ ٢٧٧).
(٧) في سننه رقم (٩٢٠).
(٨) أشهب هو ابن عبد العزيز بن داود القيسي العامري الجعدي أبو عمرو كان فقيه الديار المصرية في عصره، وهو من أصحاب الإمام مالك. ولد عام ١٤٥ هـ وتوفي عام ٢٠٤ هـ بمصر.
أفاده الدكتور عبد الوهاب بن لطف الديلمي حفظه الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>