للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من يكفيه أمرها، وقال بعض أصحابه: لأنه لو تركها لبكت وشغلته أكثر من شغلته بحملها. وفرق بعض أصحابه بين الفريضة والنافلة. وقال الباجي (١): إن وجد من يكفيه أمرها جاز في النافلة دون الفريضة، وإن لم يجد جاز [فيهما] (٢) ".

قال القرطبي (٣): وروى عبد الله بن يوسف التِّنِّيْسي (٤) عن مالك أن الحديث منسوخ. قال الحافظ (٥): روى ذلك عنه الإسماعيلي، لكنه غير [صريح] (٦).

وقال ابن عبد البر (٧): لعل الحديث منسوخ بتحريم العمل والاشتغال في الصلاة، وتعقب بأن النسخ لا يثبت بالاحتمال، وبأن القضية كانت بعد قوله : "إن في الصلاة لشغلًا" (٨) لأن ذلك كان قبل الهجرة، وهذه القصة كانت بعد الهجرة بمدة مديدة قطعًا، قاله الحافظ (٤): وقال القاضي عياض (٩): إن ذلك كان من خصائصه. ورد بأن الأصل عدم الاختصاص.

قال النووي (١٠) بعد أن ذكر هذه التأويلات: "وكل ذلك دعاوى باطلة مردودة لا دليل عليها، لأن الآدمي طاهر وما في جوفه معفو عنه، وثياب الأطفال وأجسادهم محمولة على الطهارة حتى تتبين النجاسة، والأعمال في الصلاة لا تبطلها إذا قلت أو تفرقت، ودلائل الشرع متظاهرة على ذلك، وإنما فعل النبي ذلك لبيان الجواز" انتهى.

قال الحافظ (٤): وحمل أكثر أهل العلم هذا الحديث على أنه عمل غير متوال لوجود الطمأنينة في أركان الصلاة.


(١) انظر: "الاستذكار" (٦/ ٣١٤). أما الباجي: هو أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعد التجيبي القرطبي، فقيه مالكي كبير، من رجال الحديث ولد في باجه بالأندلس سنة ٤٠٣ هـ وتوفي في المرية بالأندلس أيضًا عام ٤٧٤ هـ.
(٢) في (جـ): (فيها).
(٣) في "المفهم" له (٢/ ١٥٣).
(٤) قال عنه الحافظ في "التقريب" (١/ ٤٦٣): "ثقة متقن، من أثبت الناس في الموطأ" اهـ.
(٥) في "فتح الباري" (١/ ٥٩٢).
(٦) في (جـ): (صحيح).
(٧) انظر: "الاستذكار" (٦/ ٣١٤) و "التمهيد" (٥/ ١٤٣ - ١٤٨).
(٨) وهو حديث صحيح سيأتي تخريجه برقم (٢/ ٨٢٣) من كتابنا هذا.
(٩) في "إكمال المعلم بفوائد مسلم" له (٢/ ٤٧٥).
(١٠) في شرحه لصحيح مسلم (٥/ ٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>