للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن حزم (١): "أحاديث النهي عن الصلاة إلى القبور والصلاة في المقبرة أحاديث متواترة لا يسع أحدًا تركها".

قال العراقي: إن أراد بالتواتر ما يذكره الأصوليون من أنه رواه عن كل واحد من رواته جمع يستحيل تواطؤهم على الكذب في الطرفين، والواسطة فليس كذلك فإنها أخبار آحاد وإن أراد بذلك وصفها بالشهرة فهو قريب، وأهل الحديث غالبًا إنما يريدون بالمتواتر المشهور انتهى.

وفيه أن المعتبر في التواتر هو أن يروي الحديث المتواتر جمع عن جمع يستحيل تواطؤ كل جمع على الكذب (٢) لا أنه يرويه جمع كذلك عن كل واحد من رواته فإنه مما. لم يعتبره أهل الأصول اللهم إلا أن يريد بكل واحد من رواته كل رتبة من رتب رواته.

قوله: (إلا المقبرة) مثلثة الباء مفتوحة الميم وقد تكسر الميم وهي المحل الذي يدفن فيه الموتى.

والحديث يدل على المنع من الصلاة في المقبرة، والحمام. وقد اختلف الناس في ذلك. أما المقبرة فذهب أحمد (٣) إلى تحريم الصلاة في المقبرة، ولم


= وقال يحيى بن معين: عباد بن كثير ضعيف، وقال فيه مرة أخرى: عباد لا يكتب حديثه.
انظر: ترجمته في "التاريخ الكبير" (٦/ ٤٣) والمجروحين (٢/ ١٦٦) والجرح والتعديل (٦/ ٨٤) والميزان (٢/ ٣٧١) والتقريب (١/ ٣٩٣) والمغني (١/ ٣٢٧).
(١) في المحلى (٤/ ٣٠).
(٢) انظر كتابي: "مدخل إرشاد الأمة إلى فقه الكتاب والسنة" ص ٦٢ - ٦٣.
(٣) انظر: "الروض المربع شرح زاد المستقنع" (٢/ ١٦٠ - ١٦١).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "اقتضاء الصراط المستقيم" (٢/ ٦٧٨): "واعلم أن من الفقهاء من اعتقد أن سبب كراهة الصلاة في المقبرة ليس إلا كونها مظنة النجاسة لما يختلط بالتراب من صديد الموتى، وبنى على هذا الاعتقاد الفرق بين المقبرة الجديدة والعتيقة، وبين أن يكون بينه وبين التراب حائل أو لا يكون.
لكن المقصود الأكبر ليس هو هذا فإنه قد بين أن اليهود والنصارى كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدًا؛ وقال: "لعن الله اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" يحذر ما فعلوا، وروي عنه أنه قال: "اللهم لا تجعل قبري وثنًا يعبد اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". =

<<  <  ج: ص:  >  >>