للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال الرافعي: أما المقبرة فالصلاة مكروهة فيها بكل حال. وذهب الثوري والأوزاعي وأبو حنيفة (١) إلى كراهة الصلاة في المقبرة ولم يفرقوا كما فرق الشافعي ومن معه بين المنبوشة وغيرها.

وذهب مالك (٢) إلى جواز الصلاة في المقبرة وعدم الكراهة.

والأحاديث ترد عليه وقد احتج له بعض أصحابه بما يقضي منه العجب فاستدل له بأنه صلى على قبر المسكينة السوداء (٣)، وأحاديث النهي المتواترة كما قال ذلك الإمام لا تقصر عن الدلالة على التحريم الذي هو المعنى الحقيقي له، وقد تقرر في الأصول أن النهي يدل على فساد المنهي عنه، فيكون الحق التحريم والبطلان، لأن الفساد الذي يقتضيه النهي هم المرادف للبطلان من غير فرق بين الصلاة على القبر وبين المقابر وكل ما صدق عليه لفظ المقبرة (٤).

وأما الحمام فذهب أحمد (٥) إلى عدم صحة الصلاة فيه ومن صلى فيه أعاد أبدًا.


(١) انظر: "إعلاء السنن" (٥/ ١٣٥ - ١٣٦).
وفي "رد المحتار" (٣/ ١١٧) وقال في الحلية: وتكره الصلاة عليه - أي القبر - وإليه لورود النهي عن ذلك" اهـ.
والظاهر أن هذه الكراهة تنزيهية.
(٢) قال مالك في "المدونة" (١/ ٩٠): "لا بأس بالصلاة في المقابر، قال: وبلغني أن بعض أصحاب النبي كانوا يصلون في المقبرة" اهـ.
(٣) يشير إلى الحديث الذي أخرجه البخاري رقم (١٣٣٧) ومسلم رقم (٩٥٦). وأبو داود رقم (٣٢٠٣) وابن ماجه رقم (١٥٢٧) وأحمد (٢/ ٣٥٣).
عن أبي هريرة في قصة المرأة التي كانت تقمُّ المسجدَ، فسألَ عنها النبي فقالوا: ماتت، فقال: أفلا كنتم أذنتموني؟ فكانهم صغروا أمرَها، فقال: "دلوني على قبرها" فدلوه، فصلَّى عليها".
(٤) انظر: "الأوسط" لابن المنذر (٢/ ١٨٢ - ١٨٦).
(٥) انظر: "الروض المربع شرح زاد المستنقع" (٢/ ١٦٣).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة (٢/ ق (١٦٤): وأما الحمام فقال أصحابنا: لا فرق بين المغتسل الذي يتعرى الناس فيه ويغتسلون فيه من الوساطني والجواني وبين المسلخ وهو الموضع الذي توضع فيه الثياب، بل كل ما دخل في مسمى الحمام لا يصلى فيه، ويدخل في ذلك كل ما أغلق عليه بابه".

<<  <  ج: ص:  >  >>