للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (وقارعة الطريق) قيل: المراد به أعلى الطريق، وقيل: صدره، وقيل: ما برز منه (١).

والحديث يدل على تحريم الصلاة في هذه المواطن. وقد اختلف في العلة في النهي.

أما في المقبرة والحمام وأعطان الإبل فقد تقدم الكلام في ذلك. وأما في المزبلة والمجزرة فلكونهما محلًا. للنجاسة فتحرم الصلاة فيهما من غير حائل اتفاقًا، ومع الحائل فيه خلاف، وقيل: إن العلة في المجزرة كونها مأوى الشياطين، ذكر ذلك عن جماعة اطلعوا على ذلك.

وأما في قارعة الطريق فلما فيها من شغل الخاطر المؤدي إلى ذهاب الخشوع الذي هو سر الصلاة. وقيل: لأنها مظنة النجاسة، وقيل: لأن الصلاة فيها شغل لحق المار، ولهذا قال أبو طالب (٢): إنها لا تصح الصلاة فيها ولو كانت واسعة قال: لاقتضاء النهي الفساد. وقال المؤيد بالله والمنصور بالله (٣): لا تكره في الواسعة إذ لا ضرر لأن العلة عندهما الإضرار بالماء.

وأما في ظهر الكعبة فلأنه إذا لم يكن بين يديه سترة ثابتة تستره لم تصح صلاته لأنه مصلي على البيت لا إلى البيت. وذهب الشافعي (٤) إلى الصحة بشرط


= فأقول: ما دام النهي عن الصلاة في المجزرة لم يثبت فيظل استصحاب الإباحة الأصلية - (جعلت لي الأرض مسجدًا) - بجواز الصلاة فيها ما لم تلوث بالنجاسة. والله أعلم.
(١) قال السندي في حاشية ابن ماجه (١/ ٤١٢): "قارعة الطريق: أي الموضع الذي يقرع بالأقدام من الطريق، فالقارعة للنسبة أي: ذات قرع، وذلك لأن اختلاف المارة يشغله عن الصلاة. وأيضًا قل ما يأمن من مرورهم بين يديه" اهـ.
قلت: لم يصح حديث في النهي عن الصلاة في قارعة الطريق - فيما أعلم - فإذا انتفت العلل التي ذكرها السندي آنفًا، وما يشابهها فلا بأس بالصلاة فيها بناء على الأصل (جعلت لي الأرض مسجدًا).
(٢) البحر الزخار (١/ ٢١٧).
(٣) المرجع السابق (١/ ٢١٧).
(٤) قال النووي في "المجموع" (٣/ ١٩٩): " .... وإن وقف على سطح الكعبة - نظر - إن وقف على طرفها واستدبر باقيها لم تصح صلاته بالاتفاق لعدم استقبال شئ منها، وهكذا لو انهدمت والعياذ بالله، فوقف على طرف العرصة واستدبر باقيها لم تصح صلاته، ولو وقف خارج العرصة واستقبلها صح بلا خلاف. =

<<  <  ج: ص:  >  >>