للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الحافظ (١): وهو مع ضعفه منتقض بأنه لو أراد إخفاء ذلك ما اطلع عليه بلال ومن كان معه، وإثبات الحكم بذلك يكفي فيه نقل الواحد انتهى.

فالظاهر أن التغليق ليس لما ذكره بل لمخافة أن يزدحموا عليه لتوفر دواعيهم على مراعاة أفعاله ليأخذوها عنه أو ليكون ذلك أسكن لقلبه وأجمع لخشوعه. وإنما أدخل معه عثمان لئلا يظن أنه عزل من ولاية البيت، وبلالًا وأسامة لملازمتهما خدمته. وقيل: فائدة ذلك التمكن من الصلاة في جميع جهاتها لأن الصلاة إلى جهة الباب وهو مفتوح لا تصح.

وقد عارض أحاديث صلاته في الكعبة حديث ابن عباس عند البخاري (٢) وغيره أن النبي كبر في البيت ولم يصل فيه. قال الحافظ (٣): ولا معارضة في ذلك بالنسبة إلى التكبير لأن ابن عباس أثبته ولم يتعرض له بلال وأما الصلاة فإثبات بلال أرجح لأن بلالًا كان معه يومئذٍ ولم يكن معه ابن عباس وإنما استند في نفيه تارة إلى أسامة وتارة إلى أخيه الفضل مع أنه لم يثبت أن الفضل كان معهم إلا في رواية شاذة.

وقد روى أحمد (٤) من طريق ابن عباس عن أخيه الفضل نفي الصلاة فيها، فيحتمل أن يكون تلقاه عن أسامة فإنه كان معه. وقد روى عنه نفي الصلاة في الكعبة أيضًا مسلم (٥) من طريق ابن عباس. ووقع إثبات صلاته فيها عن أسامة من رواية ابن عمر عنه (٦) فتعارضت الروايات في ذلك فتترجح رواية بلال من جهة أنه مثبت وغيره ناف، ومن جهة أنه لم يختلف عنه في الإثبات، واختلف على من نفي.

وقال النووي (٧) وغيره: يجمع بين إثبات بلال ونفي أسامة بأنهم لما دخلوا


(١) في الفتح (١/ ٥٦٠).
(٢) في صحيحه رقم (١٦٠١) من حديث ابن عباس.
(٣) في "الفتح" (٣/ ٤٦٨).
(٤) في المسند (١/ ٢١٢) بسند صحيح.
(٥) في صحيحه رقم (٣٩٥/ ١٣٣٠).
قلت: وأخرجه البخاري رقم (٣٩٨).
(٦) عند أحمد في المسند (٥/ ٢٠٤) بسند صحيح.
(٧) في شرحه لصحيح مسلم (٩/ ٨٢ - ٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>