للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإنما هو شر بالنسبة إلى المخلوقين (١).

والخامس حكاه الخطابي (٢): أنه كقولك فلان إلى بني فلان إذا كان عداده فيهم. حكى هذه الأقوال النووي في شرح مسلم (٣) وقال: إنه مما يجب تأويله لأن مذهب أهل الحق أن كل المحدثات فعل الله تعالى وخلقه سواء خيرها وشرها اهـ.

وفي المقام كلام طويل ليس هذا موضعه.

قوله: (أنا بك وإليك) أي التجائي وانتمائي إليك وتوفيقي بك، قاله النووي (٤).

قوله: (تباركت) قال ابن الأنباري: تبارك العباد بتوحيدك، وقيل: ثبت الخير عندك. وقال النووي (٥): استحققت الثناء.


(١) قال الإمام ابن القيم في كتابه "شفاء العليل" (ص ١٧٩)، تحت الباب الحادي والعشرين في تنزيه القضاء الإلهي عن الشر: " عن نسبة الشر إليه، بل كل ما نُسِبَ إليه فهو خيرٌ، والشرُّ إنما صار شرًا لانقطاع نسبته وإضافته إليه، فلو أضيف إليه، لم يكن شرًا … وهو سبحانه خالقُ الخير والشرّ، فالشرُّ في بعض مخلوقاتِه، لا في خلقه وفعله، وقضاؤه وقدرُه خيرٌ كلُّه، ولهذا تنزَّه سبحانه عن الظلم الذي حقيقته وضعُ الشيء في غير موضعِه … فلا يضعُ الأشياء إلا في مواضِعها اللائقةِ بها، وذلك خيرٌ كله، والشرُّ: وضعُ الشيءِ في غير محلِّه، فإذا وضع في محلّه، لم يكن شرًا، فعُلِمَ أن الشرَّ ليس إليه … ثم قال: فإن قلت: فلم خلقَه وهو شرُّ؟ قلت: خلْقُه له، وفعلُه خيرٌ لا شر، فإنَّ الخلقَ والفعل قائم به سبحانه، والشرُّ يستحيل قيامُه به، واتصافُه به، وما كان في المخلوق من شر، فلعدم إضافته ونسبتِه إليه، والفعلُ والخلقُ يضاف إليه، فكان خيرًا.
وقال شارح "الطحاوية" (٢/ ٥١٧): "ولهذا كان النبي يقول في الاستفتاح": "والخير كله بيديك، والشرُّ ليس إليك" أي: فإنك لا تخلق شرًا مَحضًا بل كُلُّ ما تخلقه، ففيه حكمة، هو باعتبار خيرٌ، ولكن قد يكون فيه شرٌّ لبعض الناس فهذا شرٌّ جزئي إضافي، فأما شرُّ كلي، أو شر مطلق، فالربُّ سبحانه منزه عنه، وهذا هو الشر الذي ليس إليه" اهـ.
(٢) في "معالم السنن" (١/ ٤٨٢ - هامش السنن).
(٣) (٦/ ٥٩).
(٤) في شرحه لصحيح مسلم (٦/ ٥٩).
(٥) في المرجع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>