للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهما مقدمتان على اللغوية كما تقرر في الأصول (١)، فلا يصح جعل حديث ابن خزيمة وما قبله قرينة صارفة عن المعنى الحقيقي.

فإن قلت: فأي فائدة على هذا في التقييد بقوله: "قبل أن يقيم صلبه" (٢) قلت: دفع توهم أن من دخل مع الإمام ثم قرأ الفاتحة وركع الإمام قبل فراغه منها غير مدرك، إذا تقرر لك هذا علمت أن الواجب الحمل على الإدراك الكامل للركعة الحقيقية لعدم وجود ما تحصل به البراءة من عهدة أدلة وجوب القيام القطعية وأدلة وجوب الفاتحة.

وقد ذهب إلى هذا بعض أهل الظاهر (٣) وابن خزيمة وأبو بكر الضبعي، روى ذلك ابن سيد الناس في شرح الترمذي وذكر فيه حاكيًا عمن روى عن ابن خزيمة أنه احتج لذلك بما روي عن أبي هريرة أنه قال: "من أدرك الإمام في الركوع فليركع معه وليعد الركعة" وقد رواه البخاري في القراءة خلف الإمام (٤) من


= المعنى، أو كان أحدُهما مجهولًا والآخَرُ معلومًا.
وينبغي أن يُعلم قبل ذلك الخلاف والأدلة من الجانبين أنَّ الشرعية هي اللفظ المستعملُ فيما وضِعَ له بوضع الشارع لا بوضع أهل الشرع كما ظُنَّ.
فذهب الجمهور إلى إثباتها وذلك كالصلاة والزكاة والصوم والمصلَّي والمزكِّي والصائم وغير ذلك، فمحلُّ النزاع الألفاظ المتداولة شرعًا المستعملةُ في غير معانيها اللغوية.
"إرشاد الفحول" بتحقيقي (ص ١٠٧ - ١٠٨) وانظر التمثيل على ذلك في الحاشية.
• والحقيقة العرفية: هي اللفظة المنتقلة عن معناها إلى غيره بعرف الاستعمال العام أو الخاص.
فالعامة: هي أن يختصَّ تخصيصها بطائفة دون أخرى (كدابَّة) فإن وضعها بأصل اللغة لكل ما يدب على الأرض من ذي حافر وغيره. ثم هُجِرَ الوضعُ الأولُ وصارت في العرف حقيقة (للفرس) ولكل ذات حافر.
والخاصة: هي ما خصته كل طائفة من الأسماء بشيء من مصطلحاتهم.
كمبتدأ وخبر، وفاعل ومفعول ونعت وتوكيد في اصطلاح النحاة. ونقض وكسر وقلب في اصطلاح الأصوليين. وغير ذلك مما اصطلح عليه أرباب كل فن.
انظر: الكوكب المنير (١/ ١٥٠) والإحكام للآمدي (١/ ٥٣) والتحصيل (١/ ٢٢٤).
(١) انظر: إرشاد الفحول (ص ١٠٩)، ونهاية السول (٢/ ١٥٢ - ١٥٤).
(٢) تقدم تخريجه في الصفحة السابقة.
(٣) انظر: المحلى (٣/ ٢٤٣).
(٤) عزاه إليه الحافظ في "التلخيص" (٢/ ٨٧) رقم (٥٩٦/ ٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>