للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويجاب عنه بأن لحديث أبي هريرة (١) شواهد كذلك. ومنها أنه مذهب الجمهور.

ومن المرجحات لحديث أبي هريرة أنه قول، وحديث وائل (٢) حكاية فعل والقول أرجح مع أنه قد تقرر في الأصول أن فعله لا يعارض قوله الخاص بالأمة (٣)، ومحل النزاع من هذا القبيل.

وأيضًا حديث أبي هريرة مشتمل على النهي المقتضي للحظر وهو مرجح مستقل.

وهذا خلاصة ما تكلم به الناس في هذه المسألة، وقد أشرنا إلى تزييف البعض منه والمقام من المعارك الأنظار ومضايق الأفكار.

ولهذا قال النووي (٤): لا يظهر له ترجيح أحد المذهبين.

وأما الحافظ ابن القيم (٥) فقد رجح حديث وائل بن حجر (٢) وأطال الكلام في ذلك وذكر عشرة مرجحات قد أشرنا ههنا إلى بعضها.

وقد حاول المحقق المقبلي (٦) الجمع بين الأحاديث بما حاصله أن من قدم يديه أو قدم ركبتيه وأفرط في ذلك بمباعدة سائر أطرافه وقع في الهيئة المنكرة ومن قارب بين أطرافه لم يقع فيها سواء قدم اليدين أو الركبتين، وهو مع كونه جمعًا لم يسبقه إليه أحد تعطيل لمعاني الأحاديث وإخراج لها عن ظاهرها ومصير إلى ما لم يدل عليه دليل، ومثل هذا ما روى البعض عن مالك من جواز


(١) سيأتي برقم (٨٦/ ٧٤٧) من كتابنا هذا.
(٢) تقدم برقم (٨٥/ ٧٤٦) من كتابنا هذا.
(٣) قال الشوكاني في "إرشاد الفحول" (ص ١٧٠، ١٧١): "أن يكون القول مختصًا بالأمة وحينئذٍ فلا تعارض لأن القول والفعل لم يتواردا على محل واحد.
- أن يكون القول خاصًّا بالأمة مع قيام دليل التأسي والتكرار في الفعل فلا تعارض في حقه ، وأما في حق الأمة فالمتأخر من القول أو الفعل ناسخ، وإن جهل التاريخ، فقيل يعمل بالفعل، وقيل: بالقول وهو الراجح. لأن دلالته أقوى من دلالة الفعل وأيضًا هذا القول الخاص بالأمة أخصُّ من الدليل العام الدال على التأسي، والخاص مقدمٌ على العام ولم يأت من قال بتقديم الفعل بدليل يصح للاستدلال به".
وانظر: البحر المحيط (٤/ ١٩٧).
(٤) في المجموع (٣/ ٣٩٥).
(٥) في "زاد المعاد" (١/ ٢٢٣ - ٢٢٤).
(٦) في "المنار" (١/ ١٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>