للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ما هو أفضل لا ينافي الجواز (١).

وقد وردت بذلك آثار ففي (جزء هلال الحفار) من طريق معتمر بن سليمان عن أبي صفية (٢) مولى النبي أنه كان يوضع له نطع ويجاء بزنبيل فيه حصى فيسبح به إلى نصف النهار ثم يرفع فإذا صلى أتى به فيسبح حتى يمسي.

وأخرجه الإِمام أحمد في الزهد قال: حدثنا عفان حدثنا عبد الواحد بن زياد عن يونس بن عبيد عن أمه قالت: رأيت أبا صفية رجلًا من أصحاب


(١) قال فضيلة الدكتور بكر أبو زيد في كتابه (تصحيح الدعاء) ص (١٤٤ - ١٤٥): ( … ولكن ما معنى كل واحد منهما - أي حديث سعد بن أبي وقاص، وحديث صفية - على فرض ثبوته؟
إن حديث صفية فيه قول النبي لها لما رآها تعد التسبيح بالنوى: (ما هذا؟) وهذا استنكار لفعلها، كأنه على غير المعهود في التشريع، فهو إنكار له، ولذا دَلَّها على التسبيح المشروع، كدلالته للمستغفرين على سيد الاستغفار.
فلا دلالة فيه لمستدل على جواز التسبيح بالحصى، أو النوى.
وإن حديث سعد بن أبي وقاص فيه لما رأى المرأة تسبح بنواة، أو حصاة، قال: (ألا أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا وأفضل … ).
وهذا أسلوب عربي معروف تأتي فيه صيغة أفعل على غير بابها، كما في قول الله - تعالى - عن نعيم أهل الجنة: ﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا (٢٤)﴾ [الفرقان: (٢٤)].
فإنها من باب استعمال أفعل التفضيل فيما ليس في الطرف الآخر منه شيء؛ لأنه لا خير في مقيل أهل النار، ومستقرهم، كقوله: ﴿ءَاللَّهُ خَيْرُ أَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [النمل: ٥٩]- تفسير السعدي (٢/ ١٩٠) -.
وبهذا التقرير لمعنى هذين الحديثين - على فرض صحتهما - يظهر بجلاء عدم صحة استدلال من استدل بهما على جواز التسبيح بالحصى أو النوى. واللَّه أعلم) اهـ.
(٢) قال السيوطي في (المنحة) (٢/ ٢): (وفي جزء هلال الحفار، ومعجم الصحابة للبغوي، وتاريخ ابن عساكر من طريق معتمر بن سليمان، عن أبي بن كعب، عن جده بقية عن أبي صفية مولى النبي .. فذكره).
وقال السيوطي في (المنحة) (٢/ ٢) أيضًا: (وأخرجه الإمام أحمد في الزهد ثنا عفان ثنا عبد الواحد بن زياد عن يونس بن عبيد عن أمه قالت: رأيت أبا صفية - رجل من أصحاب النبي وكان جارنا - قالت: فكان يسبح بالحصى) اهـ.
وأم يونس بن عبيد مستورة، وقد قال الحافظ في نزهة النظر ص (١٠٠)، وقد قبل رواية المستور جماعة بغير قيد، وردها الجمهور والتحقيق أنَّ رواية المستور ونحوه مما فيه الاحتمال لا يُطلق القول بردِّها ولا بقبولها، بل يقال: هي موقوفةٌ إلى استبانة حاله، وصححه تلميذه الحافظ السخاوي في (فتح المغيث) (١/ ٣٠٠).
وقال الدكتور بكر أبو زيد في (تصحيح الدعاء) ص (١٥٣): (وعن أبي صفية مولى النبي من فعله رواه أحمد في الزهد، والعلل - وفي سنده جهالة) اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>