للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فثبت أنها استعملت كان في مرة واحدة.

قال: وإنما تأولنا حديث الركعتين لأن الروايات المشهورة في الصحيحين مصرحة بأن آخر صلاته في الليل كانت وترًا.

وفي الصحيحين أحاديث كثيرة مشهورة بالأمر بجعل آخر صلاة الليل وترًا، فكيف يظن به مع هذه الأحاديث وأشباهها أنه يداوم على ركعتين بعد الوتر ويجعلهما آخر صلاة الليل.

قال: وأما ما أشار إليه القاضي عياض من ترجيح الأحاديث المشهورة ورد رواية الركعتين فليس بصواب؛ لأن الأحاديث إذا صحت وأمكن الجمع بينها تعين، وقد جمعنا بينها ولله الحمد. اهـ.

وأقول: أما الأحاديث التي فيها الأمر للأمة بأن يجعلوا آخر صلاة الليل وترًا فلا معارضة بينها وبين فعله للركعتين بعد الوتر، لما تقرر في الأصول أن فعله لا يعارض القول الخاص بالأمة (١)، فلا معنى للاستنكار.

وأما أحاديث أنه كان آخر صلاته من الليل وترًا فليس فيها ما يدل على الدوام لما قرره من عدم دلالة لفظ كان عليه.

فطريق الجمع باعتباره أن يقال: إنه كان يصلي الركعتين بعد الوتر تارة ويدعهما تارة.

وأما باعتبار الأمة فغير محتاج إلى الجمع لما عرفت من أن الأوامر بجعل آخر صلاة الليل وترًا مختصة بهم، وأن فعله لا يعارض ذلك.

قال ابن القيم في الهدي (٢): "وقد أشكل هذا - يعني حديث الركعتين بعد الوتر - على كثير من الناس فظنوه معارضًا لقوله : "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا" (٣).


(١) لأن القول والفعل لم يتواردا على محلٍ واحد.
انظر: "إرشاد الفحول" (ص ١٧٠) بتحقيقي، والإحكام للآمدي (١/ ٢٤٨).
(٢) في زاد المعاد (١/ ٣٢٢ - ٣٢٣).
(٣) أخرجه أحمد (٢/ ١١٩، ١٣٥، ١٤٣، ١٥٠) والبخاري رقم (٩٩٨) ومسلم رقم (١٥١/ ٧٥١).
وسيأتي برقم (٤٤/ ٩٣٥) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>