للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما الملازمة فلأن النبي اقتصر في تعليم ضمام بن ثعلبة في هذا الحديث السابق نفسه على الخمس المذكورة كما في الأمهات، وفي بعضها على أربع ثم لما سمعه يقول بعد أن ذكر له ذلك: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه، قال: "أفلح إن صدق، أو دخل الجنة إن صدق" (١).

وتعليق الفلاح ودخول الجنة بصدقه في ذلك القسم الذي صرح فيه بترك الزيادة على الأمور المذكورة مشعر بأن لا واجب عليه سواها.

إذ لو فرض بأن عليه شيئًا من الواجبات غيرها لما قرره الرسول على ذلك ومدحه به وأثبت له الفلاح ودخول الجنة، فلو صلح قوله: "لا، إلا أن تطوع" لصرف الأوامر الواردة بغير الخمس الصلوات لصلح قوله: "أفلح إن صدق، ودخل الجنة إن صدق" لصرف الأدلة القاضية بوجوب ما عدا الأمور المذكورة.

وأما بطلان اللازم فقد ثبت بالأدلة المتواترة وإجماع الأمة أن واجبات الشريعة قد بلغت أضعاف أضعاف تلك الأمور، فكان اللازم باطلًا بالضرورة الدينية وإجماع الأمة.

ويجاب ثانيًا بأن قوله: "إلا أن تطوع" ينفي وجوب الواجبات ابتداء، لا الواجبات بأسباب يختار المكلف فعلها كدخول المسجد مثلًا لأن الداخل ألزم نفسه الصلاة بالدخول فكأنه أوجبها على نفسه فلا يصح شمول ذلك الصارف لمثلها.

ويجاب ثالثًا بأن جماعة من المتمسكين بحديث ضمام بن ثعلبة (١) في صرف الأمر بتحية المسجد إلى الندب قد قالوا بوجوب صلوات خارجة عن الخمس كالجنازة وركعتي الطواف والعيدين والجمعة فما هو جوابهم في إيجاب هذه الصلوات فهو جواب الموجبين لتحية المسجد.

لا يقال الجمعة داخلة في الخمس لأنها بدل عن الظهر؛ لأنا نقول: لو كانت كذلك لم يقع النزاع في وجوبها على الأعيان ولا احتيج إلى الاستدلال لذلك.


(١) تقدم برقم (٣٩٥) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>