وممن قال بالوجوب من المتأخرين: محمد بن إسماعيل الأمير في كتابه سبل السلام (٣/ ١٤٣) بتحقيقي حيث قال: "وأمره ﷺ بها دليل على وجوبها، وإليه ذهب البعض". ورجحه الشوكاني هنا في "نيل الأوطار" كما ترى. وفي "الدراري المضية، (١/ ٢٢٩) بتحقيقي قال: " … وقد وقع الاتفاق على مشروعية تحية المسجد. وذهب أهل الظاهر إلى أنهما واجبتان؛ وذلك غير بعيد، وقد حققت المقام في شرح المنتقى، وفي رسالة مستقلة" اهـ. بينما قال الشوكاني ﵀ في "السيل الجرار" (١/ ٦٠٦ - ٦٠٨) بتحقيقي: "أقول قد اشتملت السنة المطهرة على ذلك فمن جملة ما اشتملت عليه الإتيان إلى الجمعة بالسكينة والوقار وعدم تخطي الرقاب، وترك الجلوس في مجلس قد سبق إليه سابق، والتطيب بعد الاغتسال، وصلاة ركعتي التحية ولو في حال الخطبة … " اهـ. قلت: والعبرة في آخر مؤلفات الشوكاني الفقهية وهو "السيل الجرار" الذي اعتبر فيه تحية المسجد من السنن، والله أعلم. أما ابن حزم الظاهري، فقد قال في "المحلى" (٥/ ٦٩): "ولولا البرهان الذي قد ذكرنا قبلُ بأن لا فرض إلا الخمس، لكانت هاتان الركعتان فرضًا، لكنهما في غاية التأكيد، اهـ. وإليك الأدلة على وجه الإجمال بأن تحية المسجد سنة وليست واجبة: ١ - الإجماع. قال ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (٢٣/ ٤١٣): "أجمع فقهاء المذاهب الأربعة والظاهرية وغيرهم على أن صلاة تحية المسجد ليست بفرض ولا واجب، وأنها من النوافل، ولا يسن لها الجماعة"اهـ. وقال النووي في "المجموع" (٣/ ٥٤٤): "وأجمع العلماء على استحباب تحية المسجد ويكره أن يجلس من غير تحية بلا عذر" اهـ. ٢ - الأحاديث التي تدل بظاهرها أو بنصها أن لا صلاة واجبة غير الخمس. منها حديث (ضمام بن ثعلبة) ومنها حديث (طلحة بن عبيد الله). وغيرهما … ٣ - إقرار النبي ﷺ لبعض الصحابة جلوسهم في المسجد دون تحية: منها: حديث كعب بن مالك الطويل في قصة تخلفه عن غزوة تبوك والشاهد منه قوله: "فجئتُ حتى جلستُ بين يديه … وفي آخره: فقمتُ فمضيتُ. أخرجه البخاري رقم (٤٤١٨) ومسلم رقم (٢٧٦٩) والنسائي رقم (٧٣١) وقد بوب النسائي لهذا الحديث باب الرخصة في الجلوس في المسجد والخروج منه بغير صلاة. قال السندي في حاشيته على النسائي (٢/ ٥٤): "فجئت حتى … " أخذ منها المصنف أنه جلس بلا صلاة، وقوله: "فمضيتُ" أنه خرج بلا صلاة، وهو محتمل، فليتأمل". =