للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومما يدل على ذلك قوله في حديث أبي موسى عند الطبراني (١): "أن النبي رأى رجلًا صلى ركعتي الفجر حين أخذ المؤذن يقيم". قال العراقي: وإسناده جيد.

ومثله حديث ابن عباس الآتي (٢).

قوله: (فلا صلاة) يحتمل أن يتوجه النفي إلى الصحة أو إلى الكمال.

والظاهر توجهه إلى الصحة لأنها أقرب المجازين إلى الحقيقة وقد قدمنا الكلام في ذلك فلا تنعقد صلاة التطوع بعد إقامة الصلاة المكتوبة كما تقدم عن أبي هريرة وأهل الظاهر (٣).

قال العراقي: إن قوله: "فلا صلاة" يحتمل أن يراد فلا يشرع حينئذٍ في صلاة عند إقامة الصلاة (٤)، ويحتمل أن يراد فلا يشتغل بصلاة وإن كان قد شرع فيها قبل الإقامة بل يقطعها المصلي لإدراك فضيلة [التحرّم] (٥)، أو أنها تبطل بنفسها وإن لم يقطعها المصلي، يحتمل كلًّا من الأمرين.

وقد بالغ أهل الظاهر (٦) فقالوا: إذا دخل في ركعتي الفجر أو غيرهما من النوافل فأقيمت صلاة الفريضة بطلت الركعتان، ولا فائدة له في أن يسلم منهما ولو لم يبق عليه منهما غير السلام، بل يدخل كما هو بابتداء التكبير في صلاة الفريضة فإذا أتم الفريضة فإن شاء ركعهما وإن شاء لم يركعهما.

قال: وهذا غلوّ منهم في صورة ما إذا لم يبق عليه غير السلام، فليت شعري أيهما أطول زمنًا مدة السلام أو مدة إقامة الصلاة، بل يمكنه أن يتهيأ بعد


(١) أخرجه الطبراني في الكبير والأوسط كما في "مجمع الزوائد" (٢/ ٧٥) وقال الهيثمي: "ورجاله موثقون".
(٢) سيأتي تخريجه خلال شرح الحديث رقم (٩٨٦) من كتابنا هذا.
(٣) في المحلى (٣/ ١٠٥).
(٤) والحكمة من ذلك كما قال الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم (٥/ ٢٢٣): "الحكمة فيه أن يتفرغ للفريضة من أولها، فيشرع فيها عقب شروع الإمام، والمحافظة على مكملات الفريضة أولى من التشاغل بالنافلة" اهـ.
(٥) في (ب) و (جـ): (التحريم).
(٦) المحلى (٣/ ١١٢ - ١١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>