للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي البخاري (١) ومسلم (٢) أنه قال: "بلى قد نسيت" كما ذكر المصنف.

وفيه دليل على جواز دخول السهو عليه في الأحكام الشرعية.

وقد نقل عياض (٣) والنووي (٤) الإجماع على عدم جواز دخول السهو في الأقوال التبليغية وخصَّا الخلاف بالأفعال وقد تُعقبا.

قال الحافظ (٥): نعم اتفق من جوّز ذلك على أنه لا يقرّ عليه بل يقع له بيان ذلك إما متصلًا بالفعل أو بعده كما وقع في هذا الحديث. وفائدة جواز السهو في مثل ذلك بيان الحكم الشرعي إذا وقع مثله لغيره.

وأما من منع السهو مطلقًا منه ، فأجابوا عن هذا الحديث بأجوبة:

(منها) أن قوله : "لم أنس" على ظاهره وحقيقته وأنه كان متعمدًا لذلك ليقع منه التشريع بالفعل لكونه أبلغ من القول، ويكفي في ردّ هذا تقريره لذي اليدين على قوله: "بلى قد نسيت"، وأصرح من ذلك قوله : "إنما أنا بشر أنسى كما تنسون"، وهو متفق عليه (٦) من حديث ابن مسعود كما سيأتي.

ومن أجوبتهم أن قوله : "إني لا أنسى، ولكن أنسى لأسنّ" (٧)، يدلّ على عدم صدور النسيان منه.

وتعقب بما قاله الحافظ في الفتح (٨): إن هذا الحديث لا أصل له، فإنه في بلاغات مالك التي لم توجد موصولة بعد البحث الشديد.

وأيضًا هو أحد الأحاديث الأربعة التي تكلم عليها في الموطأ.


(١) في صحيحه رقم (١٢٢٩).
(٢) في صحيحه رقم (٨٩/ ٥٧٢).
(٣) في إكمال المعلم بفوائد مسلم (٢/ ٥١٤).
(٤) في شرحه لصحيح مسلم (٥/ ٦٢).
(٥) في "الفتح" (٣/ ١٠١).
(٦) سيأتي برقم (٦/ ١٠٢١) من كتابنا هذا.
(٧) أخرجه الإمام مالك في الموطأ (١/ ١٠٠ رقم ٢).
وأورده ابن عبد البر في "تجريد التمهيد" (ص ٢٥٣) وقال: "هذا لا يوجد في غير الموطأ، ولا يُحفظ بهذا اللفظ مُسْندًا ولا مُرْسلًا من غير رواية مالك هذه المنقطعة. والله أعلم. والخلاصة: أنه لا أصل له.
(٨) (٣/ ١٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>