للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جبر الشيء يكون إلا فيه لا بائنًا عنه، وهم مجمعون على أن الهدي والصيام يكونان جبرًا لما نقص من الحجّ وهما بعد الخروج عنه، وأن عتق الرقبة أو الصدقة أو صيام الشهرين جبر لنقص وطء التعمد في نهار رمضان، وفعل ذلك لا يجوز إلا بعد تمامه اهـ.

وأحسن ما يقال في المقام إنه يعمل على ما تقتضيه أقواله وأفعاله من السجود قبل السلام وبعده فما كان من أسباب السجود مقيدًا بقبل السلام سجد له قبله، وما كان مقيدًا ببعد السلام سجد له بعده، وما لم يرد تقييده بأحدهما كان مخيرًا بين السجود قبل السلام وبعده من غير فرق بين الزيادة والنقص.

لما أخرج مسلم في صحيحه (١) عن ابن مسعود أن النبيَّ قال: "إذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين".

وجميع أسباب السجود لا تكون إلا زيادة أو [نقصًا (٢)] أو مجموعهما، وهذا ينبغي أن يعدّ مذهبًا تاسعًا؛ لأن مذهب داود وإن كان فيه أنه يعمل بمقتضى النصوص الواردة كما حكاه النووي (٣) فقد جزم بأن الخارج عنها يكون قبل السلام، وإسحق بن راهويه (٤) وإن قال إنها تستعمل الأحاديث كما وردت فقد جزم أنه يسجد لما خرج عنها إن كان زيادة بعد السلام وإن كان نقصًا فقبله كما سبق.

والقائلون بالتخيير لم يستعملوا النصوص كما وردت ولا شكّ أنه أفضل. ومحلّ الخلاف في الأفضل كما عرفت وإن كانت الهادوية (٥) تقول بفساد صلاة من سجد لسهوه قبل التسليم مطلقًا، لكن قولهم مع كونه مخالفًا لما صرّحت به الأدلة مخالف للإجماع الذي حكاه عياض (٦) وغيره.

قوله: (فربما سألوه ثم سلم) يعني سألوا محمد بن سيرين هل سلم النبيّ بعد سجدتي السهو؟ فروي عن عمران بن حصين (٧) أنه أخبر "أن النبيّ سلم بعدهما".


(١) في صحيحه رقم (٩٦/ ٥٧٢).
(٢) في المخطوط (أ) و (ب): (نقص) والصواب ما أثبتناه.
(٣) في شرحه لصحيح مسلم (٥/ ٥٦).
(٤) حكاه عنه الترمذي في السنن (٢/ ٢٣٨) كما تقدم.
(٥) البحر الزخار (١/ ٣٤٠).
(٦) في إكمال المعلم (٢/ ٥٠٨).
(٧) تقدم تخريجه رقم (١٠١٦) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>