للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: ﴿إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾ هذا حصر له في البشرية (١) باعتبار من أنكر ثبوت ذلك ونازع فيه عنادًا وجحودًا؛ وأما باعتبار غير ذلك مما هو فيه فلا ينحصر في وصف البشرية، إذ له صفات أخرى، ككونه جسمًا حيًا متحركًا، نبيًا رسولًا، بشيرًا نذيرًا، سراجًا منيرًا، وغير ذلك.

وتحقيق هذا المبحث ونظائره محله علم [المعاني] (٢).

قوله: (أنسى كما تنسون)، زاد النسائي (٣): "وأذكر كما تذكرون"، وفيه دليل على جواز النسيان عليه فيما طريقه البلاغ.

وقد تقدم الكلام على هذا في شرح حديث ذي اليدين (٤).

قوله: (فإذا نسيت فذكروني) فيه أمر التابع بتذكير المتبوع.

وظاهر الحديث يدلّ على الوجوب على الفور.

قوله: (فليتحرّ الصواب)، فيه دليل لمن قال بالعمل على غالب الظنّ وتقديمه على البناء على الأقلّ، وقد قدمنا الجواب عليه من جهة القائلين بوجوب البناء على الأقل.


(١) الحصر: تخصيص أمر بآخر بطريق مخصوص (وهو القصر). ويقال: إثبات الحكم للمذكور ونفيه عما عداه.
وينقسم القصر إلى:
أ - قصر الموصوف على الصفة.
ب - قصر الصفة على الموصوف.
وكل منهما إمَّا حقيقي أو مجازي، وينقسم باعتبار آخر إلى:
- قصر إفراد - وقصر قلب - وقصر تعيين.
[معترك الأقران ١/ ١٣٦ - ١٣٧) ومعجم البلاغة العربية (ص ١٩٤)].
وقوله: ﴿إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾ [الكهف: ١١٠] هو قصر الموصوف على الصفة (قصر قلب).
المقصور عليه (أنا)، والمقصور (البشرية مثل المخاطبين).
وهو على ما قيل مبني على تنزيلهم لاقتراحهم ما لا يكون من بشر مثلهم منزلةَ من يعتقد خلافة، أو على تنزيلهم منزلة من ذكر بزعمهم أن الرسالة التي يدعيها مبرهنة بالبراهين الساطعة تنافي ذلك.
[روح المعاني (١٦/ ٥٣)].
(٢) في المخطوط (ب): (البيان).
(٣) في سنته (٣/ ٣٣ رقم ١٢٥٩) بسند حسن.
(٤) تقدم برقم (١٠١٦) من كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>