للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحديثان استدلّ بهما القائلون بأن الجماعة فرض عين وقد تقدم ذكرهم.

وأجاب الجمهور عن ذلك بأنه سأل هل له رخصة في أن يصلي في بيته وتحصل له فضيلة الجماعة لسبب عذره؟ فقيل: لا.

ويؤيد هذا أن حضور الجماعة يسقط بالعذر بإجماع المسلمين، ومن جملة العذر العمى إذا لم يجد قائدًا كما في حديث عتبان بن مالك وهو في الصحيح وسيأتي (١).

ويدلّ على ذلك حديث ابن عباس عند ابن ماجه (٢) والدارقطني (٣) وابن حبان (٤) والحاكم (٥) أن النبيّ قال: "من سمع النداء فلم يأتي الصلاة فلا صلاة له إلا من عذر".

قال الحافظ (٦): وإسناده على شرط مسلم، لكن رجح بعضهم وقفه.

وأجاب البعض عن حديث الأعمى بأن النبيّ علم منه أنه يمشي بلا قائد لحذقه وذكائه (٧) كما هو مشاهد في بعض العميان بمشي بلا قائد، لا سيما إذا كان يعرف المكان قبل العمى أو بتكرّر المشي إليه استغنى عن القائد.

ولا بدّ من التأويل لقوله تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ﴾ (٨)، وفي أمر الأعمى بحضور الجماعة مع عدم القائد ومع شكايته من كثرة السباع والهوامّ في طريقه كما في مسلم غاية الحرج.

ولا يقال الآية في الجهاد؛ لأنا نقول هو من القصر على السبب، وقد تقرّر


(١) بل تقدم برقم (٩٧٢) من كتابنا هذا.
(٢) في سننه رقم (٧٩٣).
(٣) في السنن (١/ ٤٢٠ رقم ٤).
(٤) في صحيحه رقم (٢٠٦٤).
(٥) في المستدرك (١/ ٢٤٥) قال الحاكم: هذا حديث قد أوقفه غندر وأكثر أصحاب شعبة، وهو صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وهشيم وقراد أبو نوح - هو عبد الرحمن بن غزوان - ثقتان، فإذا وصلاه، فالقول فيه قولهما.
قلت: وأخرجه البغوي في شرح السنة رقم (٧٩٥) والبيهقي (٣/ ٥٧) وهو حديث صحيح.
(٦) في "التلخيص" (٢/ ٦٥) وإسناده صحيح.
(٧) ذكره الحافظ في "الفتح" (٢/ ١٢٨).
(٨) سورة النور: الآية (٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>