للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في الأصول أن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب (١).

واعلم أن الاستدلال بحديثي الأعمى (٢) وحديث أبي هريرة (٢) الذي في أوّل الباب على وجوب مطلق الجماعة فيه نظر.

لأن الدليل أخصّ من الدعوى، إذ غاية ما في ذلك وجوب حضور جماعة

النبيّ في مسجده لسامع النداء، ولو كان الواجب مطلق الجماعة لقال في المتخلفين إنهم لا يحضرون جماعته ولا يجمعون من منازلهم، ولقال لعتبان بن مالك (٣): انظر من يصلي معك، ولجاز الترخيص للأعمى بشرط أن يصلي في منزله جماعة.

٤/ ١٠٣٢ - (وَعَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ قالَ: لَقَدْ رَأيْتُنا ومَا يَتَخَلَّفُ عَنْها إلا مُنافقٌ مَعْلُومُ النِّفاقِ، وَلَقَدْ كانَ الرَّجُلُ يُؤتى بِهِ يُهادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حتى يُقامَ فِي الصَّفّ. رَوَاهُ الجَماعَةُ إلا البُخارِيَّ وَالتِّرْمِذِيَّ) (٤). [صحيح]

هذا طرف من أثر طويل ذكره مسلم (٥) مطوّلًا، وذكره غيره مختصرًا ومطوّلًا.

قوله: (ولقد رأيتنا) هذا فيه الجمع بين ضميري المتكلم، فالتاء له خاصة والنون له مع غيره.

قوله: (وما يتخلف عنه (١) يعني الصلوات الخمس المذكورة في أوّل الأثر.


(١) قال الإمام الشوكاني في "إرشاد الفحول" (ص ٤٥٩): "وهذا المذهب هو الحق الذي لا شك فيه ولا شبهة لأنَّ التعبُّد للعباد إنَّما هو باللفظ الوارد عن الشارع هو عامٌّ، ووروده على سؤال خاصٍّ لا يصلُحُ قرينةً لقصره على ذلك السبب، ومن ادعى أنه يصلح لذلك فليأت بدليل تقوم به الحجة ولم يأت أحدٌ من القائلين بالقصر على السبب بشيء يصلُح لذلك. وإذا ورد في بعض المواطن ما يقتضي قصرَ ذلك العائم الواردِ فيه على سببه لم يجاوَزْ به محلُّه، بل يُقْصَرُ عليه، ولا جامعَ بين الذي ورد فيه دليل يخصُّه وبين سائر العقوباتِ الواردةِ على أسباب خاصةٍ حتى يكونَ ذلك الدليلُ في ذلك الموطن شاملًا لها.
(وانظر: البحر المحيط (٣/ ١٩٦) والمسودة ص ١٣٣).
(٢) تقدم برقم (١٠٣١) من كتابنا هذا.
(٣) تقدم برقم (٩٧٢) من كتابنا هذا.
(٤) أخرجه أحمد (١/ ٣٨٢) ومسلم رقم (٢٥٧/ ٦٥٤) وأبو داود رقم (٥٥٠) والنسائي رقم (٨٤٩) وابن ماجه رقم (٧٧٧) وهو حديث صحيح.
(٥) في صحيح رقم (٢٥٧/ ٦٥٤) وقد تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>