للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (يصلي بهم وهو أعمى) فيه جواز إمامة الأعمى، وقد صرّح أبو إسحاق المروزي والغزالي (١) بأن إمامة الأعمى أفضل من إمامة البصير لأنَّه أكثر خشوعًا من البصير لما في [البصر] (٢) من شغل القلب بالمبصرات.

ورجح البعض أن إمامة البصير أولى لأنَّه أشدّ توقيًا للنجاسة، والذي فهمه الماوردي من نص الشافعي أن إمامة الأعمى والبصير سواء في عدم الكراهية لأن في كل منهما فضيلة، غير أن إمامة البصير أفضل؛ لأن أكثر من جعله النبيّ إمامًا البصراء. وأما استنابته لابن أمّ مكتوم في غزواته، فلأنه كان لا يتخلف عن الغزو من المؤمنين إلا معذور، فلعله لم يكن في البصراء المتخلفين من يقوم مقامه أو لم يتفرّغ لذلك، أو استخلفه لبيان الجواز (٣).

وأما إمامة عتبان بن مالك (٤) لقومه، فلعله أيضًا لم يكن في قومه من هو في مثل حاله من البصراء.


= وأكثر فائدته، فلا أعرف أغزر فوائد منه".
منه المجلد الثالث مخطوط في جامعة القرويين تحت رقم (٢٤٤/ ٤٠) فاس، المغرب العربي، في (١٩٩ ورقة) راجع: تاريخ التراث العربي (١/ ٥١٢ - ٥١٣).
[معجم المصنفات (ص ١٠٠ رقم ٢٠٧)].
(١) قال الشافعي في الأم (٢/ ٣٢٤): وأحب إمامة الأعمى، والأعمى إذا سُدِّد إلى القبلة، كان أحرى ألا يلهو بشيء تراه عيناه، ومن أمَّ، صحيحًا كان أو أعمى، فأقام الصلوات أجزأته صلاته.
ولا أختار إمامة الأعمى على الصحيح؛ لأن أكثر من جعله رسول الله إمامًا بصيرًا، ولا إمامة الصحيح على الأعمى لأن رسول الله كان يجد عددًا من الأصحاء يأمرهم بالإمامة، أكثر من عدد من أمر بها من العُمْي" اهـ.
(٢) في المخطوط (ب): (البصير).
(٣) قال ابن المنذر في الأوسط (٤/ ١٥٤): "قال أبو بكر: إمامة الأعمى كمامة البصير لا فرق بينهما، وهما داخلان في ظاهر قول النبي : "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله"، فأيهم كان أقرأ كان أحق بالإمامة … وإباحة إمامة الأعمى كالإجماع من أهل العلم .. " اهـ.
(٤) أخرج ابن المنذر في الأوسط (٤/ ١٥٣ ث ١٩٣٨) عن محمود بن الربيع أن عِتْبان بن مالك كان يؤم قومه وهو أعمى".
وأخرجه الشافعي في الأم (٢/ ٣٢٣ رقم ٣٢١) وابن أبي شيبة في المصنف (٢/ ٢١٤) من طريق الزهري.

<<  <  ج: ص:  >  >>