للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال عطاء (١): لا يضرّ البعد في الارتفاع مهما علم المؤتمّ بحال الإِمام.

وأما ارتفاع المؤتمّ في المسجد، فذهبت الهادوية (٢) إلى أنه لا يضرّ ولو زاد على القامة، وكذلك قالوا: لا يضرّ ارتفاع الإِمام قدر القامة في المسجد وغيره، وإذا زاد على القامة كان مضرأ من غير فرق بين المسجد وغيره.

والحاصل من الأدلة منع ارتفاع الإِمام على المؤتمِّ من غير فرق بين المسجد وغيره وبين القامة ودونها وفوقها.

لقول أبي سعيد (٣): إنَّهم كَانُوا يَنْهَوْنَ عَنْ ذَلِكَ.

وقول ابن مسعود (٤): "نهى رسولُ اللهِ " الحديث.

وأما صلاته على المنبر (٥)، فقيل: إنه إنما فعل ذلك لغرض التعليم كما يدلّ عليه قوله: "ولتعلموا صلاتي" وغاية ما فيه جواز وقوف الإِمام على محل أرفع من المؤتمِّين إذا أراد تعليمهم.

قال ابن دقيق العيد (٦): من أراد أن يستدلّ به على جواز الارتفاع من غير قصد التعليم لم يستقم لأن اللفظ لا يتناوله، ولانفراد الأصل بوصف معتبر تقتضي المناسبة اعتباره فلا بد منه انتهى.

على أنه قد تقرّر في الأصول (٧) أن النبيّ إذا نهى عن شيء نهيًا يشمله بطريق الظهور ثم فعل ما يخالفه، كان الفعل مخصصًا له من [جهة] (٨) العموم دون غيره، حيث لم يقم الدليل على التأسي به في ذلك الفعل، فلا تكون صلاته على المنبر معارضة للنهي عن الارتفاع باعتبار الأمة. وهذا على


(١) المجموع شرح المهذب (٤/ ٢٠٠).
(٢) البحر الزخار (١/ ٣٢٣).
(٣) الصواب: لقول أبي مسعود الوارد في الحديث رقم (١١٤١) من كتابنا هذا.
(٤) الصواب: وقول أبي مسعود الوارد في الحديث رقم (١١٤٢) من كتابنا هذا. وقد تقدم تصويبه.
(٥) أخرجه البخاري رقم (٩١٧) ومسلم رقم (٥٤٤).
(٦) في إحكام الأحكام (١/ ٢٠١ - ٢٠٢).
(٧) انظر: "إرشاد الفحول" ص ٤٤٢ - ٤٤٤ بتحقيقي.
(٨) زيادة يقتضيها السياق ولم توجد في المخطوط (أ، ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>