للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد أخرج ابن جرير (١) في تفسيره سورة النساء: "أن عائشة كانت تصلي في السفر أربعًا" فإذا احتجوا عليها تقول: إن النبيّ كان في حروب وكان يخاف فهل تخافون أنتم (٢)؟.

وقيل في تأويل عائشة: إنها إنما أتممت في سفرها إلى البصرة لقتال عليّ ، والقصر عندها إنما يكون في سفر طاعة (٣).

قال في الفتح (٤): وهذان القولان باطلان، لا سيما الثاني.

قال: والمنقول في سبب إتمام عثمان أنه كان يرى القصر مختصًا بمن كان شاخصًا سائرًا.

وأما من أقام في مكان أثناء سفره فله حكم المقيم فيتمّ. والحجة فيه ما رواه أحمد (٥) بإسناد حسن عن عبَّاد بن عبد الله بن الزبير قال: لما قدِمَ علينا معاويةُ حاجًا صلى بنا الظُّهرَ ركعتين بمكة ثم انصرفَ إلى دار النَّدوةِ، فدخل عليه مروان وعمرو بن عثمان فقالا له: لقد عبت أمر ابن عمك لأنه كان قد أتمّ الصلاة، قال: وكان عثمان حيث أتمّ الصلاة إذا قدم مكة صلى بها الظهر والعصر والعشاء أربعًا أربعًا، ثم إذا خرج إلى منى وعرفة قصر الصلاة، فإذا فرغ الحجّ وأقام بمنى أتمّ الصلاة".

وقال ابن بطال (٦): الوجه الصحيح في ذلك أن عثمان وعائشة كانا يريان أن النبي إنما قصر لأنه أخذ بالأيسر من ذلك على أمته، وأخذا أنفسهما بالشدّة، وهذا رجحه جماعة من آخرهم القرطبي (٧).


(١) في "جامع البيان" (٤/ ج ٥/ ٢٤٥).
(٢) هذا تأويل باطل قاله الحافظ في "الفتح" (٢/ ٥٧١).
(٣) وكذلك هذا التأويل باطل أيضًا كما قاله الحافظ في "الفتح" (٢/ ٥٧١).
(٤) (٢/ ٥٧١).
(٥) في المسند (٤/ ٩٤) بسند حسن قاله الحافظ في "الفتح" (٢/ ٥٧١).
قلت: وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (ج ١٩ رقم ٧٦٥) مختصرًا.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٢/ ١٥٦ - ١٥٧) وقال: "رواه أحمد، وروى الطبراني بعضه في الكبير، ورجال أحمد موثقون".
(٦) في شرحه لصحيح البخاري (٣/ ٧٢ - ٧٣).
(٧) في المفهم (٢/ ٣٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>