للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والدارقطني (١) عن أبي أمامة قال: قال رسول الله : "الجمعة على الخمسين رجلًا، وليس على ما دون الخمسين جمعة".

قال السيوطي: لكنه ضعيف ومع ضعفه فهو محتمل للتأويل؛ لأن ظاهره أن هذا العدد شرط للوجوب لا شرط للصحة فلا يلزم من عدم وجوبها على ما دون الخمسين عدم صحتها منهم.

وأما اشتراط جمع كثير من دون تقييد بعدد مخصوص فمستنده أن الجمعة شعار وهو لا يحصل إلا بكثرة تغيظ أعداء المؤمنين.

وفيه أن كونها شعارًا لا يستلزم أن ينتفي وجوبها بانتفاء العدد الذي يحصل به ذلك، على أن الطلب لها من العباد كتابًا وسنة مطلق عن اعتبار الشعار فما الدليل على اعتباره، وكتبه إلى مصعب بن عمير أن ينظر اليوم الذي يجهر فيه اليهود بالزبور فيجمع النساء والأبناء، فإذا مال النهار عن شطره عند الزوال من يوم الجمعة تقرّبوا إلى الله بركعتين، كما أخرجه الدارقطني (٢) من حديث ابن عباس.

غاية ما فيه أن ذلك سبب أصل المشروعية، وليس فيه أنه معتبر في الوجوب فلا يصلح للتمسك به على اعتبار عدد يحصل به الشعار وإلا لزم قصر مشروعية الجمعة على بلد تشارك المسلمين في سكونه اليهود وأنه باطل، على أنه يعارض حديث ابن عباس المذكور ما تقدم عن ابن سيرين (٣) في بيان السبب في افتراض الجمعة وليس فيه إلا أنه كان اجتماعهم لذكر الله وشكره، وهو حاصل من القليل والكثير بل من الواحد لولا ما قدمنا من أن الجمعة يعتبر فيها الاجتماع وهو لا يحصل بواحد.


(١) في السنن (٢/ ٤ رقم ٢) وقال الدارقطني وفيه جعفر بن الزبير متروك. وهو حديث ضعيف جدًّا.
(٢) عزاه للدارقطني الحافظ في "التلخيص" (٢/ ١١٥).
ولم أقف عليه في سنن الدارقطني المطبوعة والله أعلم.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٣/ ١٥٩ رقم ٥١٤٤) وعبد بن حميد في تفسيره كما في التلخيص الحبير (٢/ ١١٥). وقد تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>