للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بأنه ليس المراد القيام الحقيقي، وإنما المراد به الاهتمام بالأمر.

كقولهم: فلان قام في الأمر الفلاني، ومنه قوله تعالى: ﴿إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا﴾ [آل عمران: ٧٥].

وليس بين حديث أبي هريرة (١) وحديث أبي موسى الآتي (٢) تعارض ولا اختلاف.

وإنما الاختلاف بين حديث أبي موسى (٢) وبين الأحاديث الواردة في كونها بعد العصر أو آخر ساعة من اليوم وسيأتي.

فأما الجمع فإنما يمكن بأن يصار إلى القول بأنها تنتقل فيحمل حديث أبي موسى على أنه أخبر فيه عن جمعة خاصة، وتحمل الأحاديث الأخر على جمعة أخرى.

فإن قيل بتنقلها فذاك، وإن قيل بأنها في وقت واحد، لا تنتقل، فيصار حينئذٍ إلى الترجيح.

ولا شكّ أن الأحاديث الواردة في كونها بعد العصر أرجح لكثرتها واتصالها بالسماع، وأنه لم يختلف في رفعها والاعتضاد بكونه قول أكثر الصحابة، ففيها أربعة مرجحات.

وفي حديث أبي موسى (٢) مرجح واحد وهو كونه في أحد الصحيحين دون بقية الأحاديث، ولكن عارض كونه في أحد الصحيحين أمران وسيأتي ذكرهما في شرحه.

وسلك صاحب الهدي (٣) مسلكًا آخر، واختار أن ساعة الإجابة منحصرة في أحد الوقتين المذكورين وأن أحدهما لا يعارض الآخر لاحتمال أن يكون دلّ على أحدهما في وقت وعلى الآخر في وقت آخر.

وهذا كقول ابن عبد البر (٤): إنه ينبغي الاجتهاد في الدعاء في الوقتين المذكورين، وسبق إلى تجويز ذلك الإِمام أحمد.


(١) تقدم برقم (١١٩٨) من كتابنا هذا.
(٢) برقم (١١٩٩) من كتابنا هذا.
(٣) زاد المعاد (١/ ٣٨٢).
(٤) في التمهيد (٤/ ٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>