للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإذا كان بالمدينة صلى بعدها ركعتين في بيته، فقيل له فقال: كان رسول الله يفعل ذلك.

فليس في ذلك علم ولا ظنّ أنه كان يفعل بمكة ذلك، وإنما أراد رفع فعله بالمدينة فحسب؛ لأنه لم يصحّ أنه صلى الجمعة بمكة، وعلى تقدير وقوعه بمكة منه فليس ذلك في أكثر الأوقات بل نادرًا.

وربما كانت الخصائص في حقه بالتخفيف في بعض الأوقات: "فإنه كان إذا خطب احمرّت عيناه وعلا صوته واشتدّ غضبه كأنه منذر جيش" (١) الحديث.

فربما لحقه تعب من ذلك فاقتصر على الركعتين في بيته وكان يطيلهما كما ثبت في رواية النسائي (٢): "وأفضل الصلاة طول القنوت" أي القيام، فلعلها كانت أطول من أربع خفاف أو متوسطات، انتهى.

والحاصل أن النبيّ أمر الأمة أمرًا مختصًا بهم بصلاة أربع ركعات بعد الجمعة، وأطلق ذلك ولم يقيده بكونها في البيت.

واقتصاره على ركعتين كما في حديث ابن عمر (٣) لا ينافي مشروعية الأربع لما تقرّر في الأصول (٤) من عدم المعارضة بين قوله الخاص بالأمة وفعله الذي لم يقترن بدليل خاصّ يدلّ على التأسي به فيه، وذلك لأن تخصيصه للأمة بالأمر يكون مخصصًا لأدلة التأسي العامة.

قوله: (ركعتين في بيته) استدلّ به على أن سنة الجمعة ركعتان.

وممن فعل ذلك عمران بن حصين، وقد حكاه الترمذي (٥) عن الشافعي وأحمد.

قال العراقي: لم يرد الشافعي وأحمد بذلك إلا بيان أقلّ ما يستحبّ، وإلا فقد استحبا أكثر من ذلك.


(١) تقدم تخريجه برقم (١٢٤٧) من كتابنا هذا.
(٢) في سننه رقم (١٤٢٩) وهو حديث شاذ بذكر إطالتهما.
(٣) تقدم برقم (٨٧/ ١٢٦٥) من كتابنا هذا.
(٤) "إرشاد الفحول" ص ١٦٩ بتحقيقي. والكوكب المنير (٢/ ١٩٩ - ٢٠٣).
(٥) في سننه (٢/ ٣٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>