للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقيل: فعل ذلك لتخفيف الزحام، وهذا رجحه الشيخ أبو حامد (١)، وأيده المحبّ الطبري (٢) بما رواه البيهقي (٣) من حديث ابن عمر فقال فيه: "ليسع الناس"، وتعقب بأنه ضعيف وبأن قوله: "يسع الناس " يحتمل أن يفسر ببركته وفضله، وهو الذي رجحه ابن التين (٢).

وقيل: كان طريقه التي يتوجه منها أبعد من التي يرجع فيها، فأراد تكثير الأجر بتكثير الخطا في الذهاب.

وأما في الرجوع فليسرع إلى منزله وهذا اختيار الرافعي.

وتعقب بأنه يحتاج إلى دليل، وبأن أجر الخطا يكتب في الركوع أيضًا كما ثبت في حديث أبيّ بن كعب عند الترمذي (٤) وغيره، فلو عكس ما قال لكان له اتجاه، ويكون سلوك الطريق القريبة للمبادرة إلى فعل الطاعة وإدراك الفضيلة أوّل الوقت.

وقيل: إن الملائكة تقف في الطرقات فأراد أن يشهد له فريقان منهم.

وقال ابن أبي [جمرة] (٥): هو في معنى قول يعقوب لبنيه: ﴿لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ﴾ [يوسف: ٦٧]، وأشار إلى أنه فعل ذلك حذر إصابة العين.

وأشار صاحب الهدي (٦) إلى أنه فعل ذلك لجميع ما ذكر من الأشياء المحتملة القريبة، انتهى كلام الفتح (٧).


(١) المجموع (٥/ ١٧ - ١٨).
(٢) حكاه عنه الحافظ في "الفتح" (٢/ ٤٧٣).
(٣) في السنن الكبرى (٣/ ٣٠٨) وفي المعرفة (٥/ ٩٨ رقم ٦٩٦١)، وهو ضعيف كما قال الشوكاني .
(٤) لم أقف عليه عند الترمذي.
بل أخرجه أحمد (٥/ ١٣٣) ومسلم رقم (٦٦٣) والحميدي رقم (٣٧٦) عن أُبي قال: كان ابنُ عم لي شاسع الدارِ، فقلتُ: لو أنك اتخذتَ حمارًا أو شيئًا، فقال: ما يسرُّني أن بيتي مُطَنَّبٌ ببيتِ محمد ، قال: فما سمعتُ عنه كلمةً أكرَهَ إليَّ منها، قال: فإذا هو يذكرُ الخطا إلى المسجد، فسأل النبي فقال: "إن له بكلِّ خَطْوةٍ درجةً".
وهو حديث صحيح.
(٥) في المخطوط (أ): (حمزة).
(٦) زاد المعاد (١/ ٤٣٢ - ٤٣٣).
(٧) (٢/ ٤٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>