للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن المنذر (١): كل من أحفظ عنه العلم يقول: إن المطلوب يصلي على دابته يومئ إيماء، وإن كان طالبًا نزل فصلى بالأرض.

قال الشافعي (٢): إلا أن ينقطع عن أصحابه فيخاف عود المطلوب عليه فيجزئه ذلك، وعرف بهذا أن الطالب فيه التفصيل، بخلاف المطلوب.

ووجه الفرق أن شدّة الخوف في المطلوب ظاهرة لتحقق السبب المقتضي لها، وأما الطالب فلا يخاف استيلاء العدوّ عليه، وإنما يخاف أن يفوته العدوّ.

قال في الفتح (٣): وما نقله ابن المنذر (١) متعقب بكلام الأوزاعي (٤)، فإنه قيده بشدة الخوف، ولم يستثن طالبًا من مطلوب، وبه قال ابن حبيب (٥) من المالكية.

وذكر أبو إسحاق الفزاري في كتاب "السير" (٦) له عن الأوزاعي أنه قال: إذا خاف الطالبون إن نزلوا الأرض فوت العدوّ صلوا حيث وجهوا على كل حال.

والظاهر أن مرجع هذا الخلاف إلى الخوف المذكور في الآية، فمن قيده بالخوف على النفس والمال من العدو فرّق بين الطالب والمطلوب، ومن جعله أعمّ من ذلك لم يفرق بينهما، وجوّز الصلاة المذكورة للراجل والراكب عند حصول أيّ خوف.


(١) في الأوسط (٥/ ٤٢ مسألة ٧١٢).
(٢) في الأم (٢/ ٤٧٣).
(٣) (٢/ ٤٣٧).
(٤) حكاه عنه ابن عبد البر في التمهيد (٥/ ٢٧٧).
(٥) المنتقى الباجي (١/ ٣٢٥).
(٦) "السير" لأبي إسحاق الفزاري (إبراهيم بن محمد بن الحارث بن أسماء، ت ١٨٦ هـ).
قال الحميدي: "قال لي الشافعي: لم يُصنّفْ أحدٌ في السير مثل كتاب أبي إسحاق".
ولا يزال هذا الكتاب مخطوطًا في مكتبة القروين بفاس.
["سير أعلام النبلاء" (٨/ ٥٤٠، ١٠/ ٢١٥) والأعلام (١/ ٥٥) ودراسات في الحديث النبوي" (١/ ٢٢٦)].
معجم المصنفات (ص ٢٢٠ - ٢٢١ رقم ٦٤٤).
• في كل طبعات النيل الموجودة في الأسواق صحفت كلمة "السير" إلى "السنن"، وهو خطأ كما تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>