للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولفظ أبي داود (١): "فأيّ الصدقة أفضل؟ قال: الماء، فحفر بئرًا وقال: هذه لأمّ سعد".

وأخرج هذا الحديث الدارقطني في غرائب مالك.

وقد أخرج الموطأ (٢) من حديث سعيد بن سعد بن عبادة: "أنه خرج سعد مع النبيّ في بعض مغازيه وحضرت أمه الوفاة بالمدينة، فقيل لها: أوصي، فقالت: فيم أوصي والمال مال سعد؟ فتوفيت قبل أن يقدم سعد" فذكر الحديث.

وقد قيل: إن الرجل المبهم في حديث عائشة وفي حديث ابن عباس هو سعد بن عبادة، ويدلّ على ذلك أن البخاري (٣) أورد بعد حديث عائشة حديث ابن عباس بلفظ: "إن سعد بن عبادة قال: إن أمي ماتت وعليها نذر"، وكأنه رمز إلى أن المبهم في حديث عائشة هو سعد.

وأحاديث الباب تدلّ على أن الصدقة من الولد تلحق الوالدين بعد موتهما بدون وصية منهما ويصل إليهما ثوابها فيخصص بهذه الأحاديث عموم قوله تعالى: ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (٣٩)[النجم: ٣٩].

ولكن ليس في أحاديث الباب إلا لحوق الصدقة من الولد، وقد ثبت أن ولد الإنسان من سعيه فلا حاجة إلى دعوى التخصيص.

وأما من غير الولد فالظاهر من العمومات القرآنية أنه لا يصل ثوابه إلى الميت، فيوقف عليها حتى يأتي دليل يقتضي تخصيصها (٤).


(١) في السنن رقم (١٦٨١). وهو حديث حسن.
(٢) في الموطأ (٢/ ٧٦٠ رقم ٥٢).
(٣) في صحيحه رقم (٢٧٦١).
(٤) قال علي بن أبي العز في "شرح العقيدة الطحاوية" (٢/ ٦٦٤ - ٦٧١): "اتفق أهل السنة أن الأموات ينتفعون من سعي الأحياء بأمرين:
أحدهما: ما تسبَّب إليه الميتُ في حياته.
والثاني: دعاءُ المسلمين واستغفارُهم له، والصدقة والحج، على نزاعٍ فيما يصل من ثواب الحج، فعن محمد بن الحسن : أنه إنما يَصِلُ إلى الميت ثوابُ النفقة، والحجُّ للحاجِّ، وعند عامة العلماء: ثوابُ الحج للمحجوج عنه، وهو الصحيح.
واختُلِفَ في العبادات البدنية، كالصوم، والصلاةِ، وقراءة القرآن، والذكر، فذهب =

<<  <  ج: ص:  >  >>