للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= أبو حنيفة، وأحمد، وجمهور السلف إلى وصولها؛ والمشهور من مذهب الشافعي، ومالك عدمُ وصولها.
وذهب بعضُ أهل البدع من أهل الكلام إلى عدم وصول شيء البتة، لا الدعاء، ولا غيره. وقولهم مردود بالكتاب والسنة، لكنهم استدلوا بالمتشابه من قوله تعالى: ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (٣٩)﴾ [النجم: ٣٩]، وقوله: ﴿وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [يس: ٥٤]، وقوله: ﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ [البقرة: ٢٨٦].
وقد ثبت عن النبي أنه قال: "إذا مات ابن آدم، انقطعَ عملُهُ إلَّا من ثلاثٍ: صدقة جاريةٍ، أو ولدٍ صالح يدعو له، أو علم ينتفع به من بعده".
[أخرجه مسلم رقم (١٦٣١) والترمذي رقم (١٣٧٦) وأبو داود رقم (٢٢٨٠) والنسائي (٦/ ٢٥١) وأحمد (٢/ ٣٨٢) والبخاري في "الأدب المفرد" رقم (٣٨) من حديث أبي هريرة. وهو حديث صحيح].
فأخبر أنه إنما ينتفع بما كان تسبب فيه في الحياة، وما لم يكن تسبَّب فيه في الحياة فهو منقطع عنه.
واستدل المقتصرون على وصول العبادات التي تدخلها النيابة كالصدقة والحجَّ بأن النوع الذي لا تدخله النيابةُ بحال، كالإسلام والصلاة والصوم، وقراءة القرآن، يختص ثوابه بفاعله لا يتعداه، كما أنه في الحياة لا يفعلُه أحدٌ، ولا ينوبُ فيه عن فاعله غيره.
وقد روى النسائي بسنده أفي الكبرى (٤/ ٤٣/ ١) والطحاوي في "مشكل الآثار" (٣/ ١٤١) موقوفًا على ابن عباس، وسنده صحيح، ولا يعرف في المرفوع] عن ابن عباس، عن النبي أنه قال: "لا يصلِّي أحدٍ عن أحدٍ، ولا يصومُ أحدٌ عن أحدٍ، ولكن يُطعِمُ عنه مكان كُلِّ يومٍ مُدًّا من حنطةِ".
والدليلُ على انتفاع الميت بغير ما تسبب فيه: الكتاب والسنة والإجماع والقياس الصحيح.
أما الكتاب: فقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ﴾ [الحشر: ١٠]، فأثنى عليهم باستغفارهم للمؤمنين قبلهم، فدلَّ على انتفاعهم باستغفار الأحياء، وقد دل على انتفاع الميت بالدعاءِ إجماعُ الأمة على الدعاء له في صلاة الجنازة، والأدعية التي وردت بها السنة في صلاة الجنازة مستفيضة، وكذا الدعاء له بعد الدفن، ففي سنن أبي داود -[رقم (٣٢٢١) والبيهقي (٤/ ٥٦)، والبغوي في شرح السنة رقم (١٥٢٣) وسنده قوي، حسَّنه النووي في الأذكار، والحافظ في "أماليه"، والحاكم (١/ ٣٧٠) ووافقه الذهبي]- من حديث عثمان بن عفان قال: كان النبي إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، فقال: "استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل".
وكذلك الدعاءُ لهم عند زيارة قبورهم، كما في صحيح مسلم -[رقم (٩٧٥) والنسائي =

<<  <  ج: ص:  >  >>