للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد اختلف في غير الصدقة من أعمال البرّ، هل يصل إلى الميت؟ فذهبت المعتزلة إلى أنه لا يصل إليه شيء واستدلوا بعموم الآية (١).

وقال في شرح الكنز: إن للإنسان أن يجعل ثواب عمله لغيره صلاة كان أو صومًا أو حجًا أو صدقة أو قراءة قرآن أو غير ذلك من جميع أنواع البرّ، ويصل ذلك إلى الميت وينفعه عند أهل السنة، انتهى.

والمشهور من مذهب الشافعي (٢) وجماعة من أصحابه أنه لا يصل إلى الميت ثواب قراءة القرآن.

وذهب أحمد بن حنبل (٣) وجماعة من العلماء وجماعة من أصحاب الشافعي إلى أنه يصل، كذا ذكره النووي في الأذكار (٤).

وفي شرح المنهاج لابن النحوي: لا يصل إلى الميت عندنا ثواب القراءة على المشهور.

والمختار الوصول إذا سأل الله إيصال ثواب قراءته، وينبغي الجزم به لأنه دعاء، فإذا جاز الدعاء للميت بما ليس للداعى، فلأن يجوز بما هو له أولى، ويبقى الأمر فيه موقوفًا على استجابة الدعاء.

وهذا المعنى لا يختصّ بالقراءة بل يجري في سائر الأعمال، والظاهر أن


= وأما استدلالهم بقوله : "إذا ماتَ ابنُ آدمَ انقطع عملُهُ" -[أخرجه مسلم رقم (١٦٣١) وأبو داود رقم (٢٨٨٠) والترمذي رقم (١٣٧٦) والنسائي (٦/ ٢٥١) وأحمد (٢/ ٣٨٢) والبخاري في الأدب المفرد رقم (٣٨) وابن الجارود رقم (٣٧٠)]- من حديث أبي هريرة فاستدلال ساقط، فإنه لم يقل انقطع انتفاعه، وإنما أخبر عن انقطاع عمله، وأما عملُ غيره فهو لعامله، فإن وهبه له، وصل إليه ثواب عمل العامل، لا ثواب عمله هو، وهذا كالدَّين يوفيه الإنسان عن غيره، فتبرأ ذمته، ولكن ليس له ما وفَّى به الدين … " اهـ.
[وانظر: المجموع شرح المهذب (١٦/ ٥٠٩) والمغني لابن قدامة (٣/ ٥١٩) وحاشية ابن عابدين (٣/ ١٤٣) والمفهم (٤/ ٥٥٤) ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (٢٤/ ٣٠٦ - ٣١٣، ٣٢٤، ٣٦٦) والروح لابن القيم (١٥٩ - ١٩٣) فقد بسط القول في المسألة].
(١) تقدم في التعليقة السابقة الرد على ذلك.
(٢) المجموع (١٦/ ٥٠٩).
(٣) المغني (٣/ ٥١٩ - ٥٢٣).
(٤) ص ٢٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>